المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٧
لو كان المولى هو الذي زوجها وكذلك الصبي إذا أجره الوصي في عمل من الاعمال فلم يعمل حتى بلغ الصبي مبلغ الرجال فهو بالخيار بين المضي على الإجارة وفسخها وكذلك الأب إذا أجر ابنه ثم أدرك الابن لما بينا أن في إجارة النفس كدا وتعبا فلا يلزم من الأب والوصي في حق الصبي بعد بلوغه وما يلحقه من المشقة يصير عذرا له في الفسخ بخلاف ما لو أجر داره أو عبده سنين معلومة فأدرك الغلام لم يكن له أن يبطل الإجارة والشافعي رحمه الله تعالى يسوى بينهما فيقول العقد نفذ بولاية تامة فلا يثبت له حق الفسخ بعد ذلك في الفصلين والفرق لنا بين الفصلين من وجهين أحدهما أنه ليس في إجارة الدار والعبد معني الكد والعار في حق الصبي إذا أدرك فلا يثبت له حق الفسخ بخلاف إجارة النفس والثاني أن إجارة الدار والعبد يملك بالولاية ألا تري أن من لا ولاية له من القرابات ممن يعول الصبي ليس له ولاية إجارة داره وعبده فإذا نفذ باعتبار قيام ولايتهما يجعل كأنهما باشراه بعد البلوغ بالولاية فأما صحة إجارة النفس ليس باعتبار الولاية بل باعتبار المنفعة والمصلحة للولد في ذلك ليتأدب ويتعلم ما يحتاج إليه الا تري ان من يعول اليتيم بملك ذلك منه وببلوغه زال هذا المعني لأنه صار من أهل النظر لنفسه فيما يحتاج إليه فلهذا يثبت له الخيار وإذا أجر العبد المحجور عليه نفسه من رجل سنة بمائة درهم للخدمة فخدمه ستة أشهر ثم أعتق فالقياس أن لا يحب الاجر لان المستأجر كان ضامنا له حين استعمله بغير إذن مولاه والأجر والضمان لا يجتمعان ولكنا نستحسن إذا سلم العبدان يجعل له الاجر فيما مضى لان في ذلك محض منفعة لا يشوبه ضرر والعبد غير محجور عن اكتساب المال وما يكون فيه محض منفعة كالاحتطاب والاحتشاش بخلاف ما إذا هلك فان الضمان قد تقرر عليه من حين استعمله وهو يملكه بالضمان من ذلك الوقت فتبين انه استعمل عبد نفسه فلا يجب الاجر وبه فارق الصبي المحجور إذا أجر نفسه ومات في خلال العمل فإنه يجب الاجر بحساب ما عمل لان الصبي الحر لا يملك بالضمان فلا ينعدم السبب الموجب للأجر فيما مضي وان هلك الصبي من استعماله غرم ديته وإذا سلم العبد من العمل حتى وجب الاجر بحساب ما مضي يقبضه العبد فيدفعه إلي مولاه لأنه وجب بعقده ولكن بمقابلة منافع هي مملوكة للمولى فيلزمه دفعه إلى المولى وتجوز الإجارة فيما بقي من السنة للعبد ولا خيار له في نقض الإجارة لأنها نفذت بعد عتقه بغير إجارة المولى فكأنه باشره بعد العتق ألا ترى ان أمة
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست