المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢٠٢
يجوز التحري وإصابة الطاهر مأمول بتحريه أولى يوضحه أن في مسألة الأواني لو كانت كلها نجسة لا يؤمر بالتوضئ بها لو فعل لا تجوز صلاته فإذا كانت الغلبة له فكذلك أيضا وفي مسألة الثياب وإن كان الكل نجسة يؤمر بالصلاة في بعضها ويجزيه ذلك فكذلك إذا كانت الغلبة للنجاسة وفى الكتاب يقول إذا كانت الغلبة للماء النجس يريق الكل ثم يتيمم وهذا احتياط وليس بواجب ولكنه ان أراق فهو أحوط ليكون تيممه في حال عدم الماء بيقين وإن لم يرق أجزأه أيضا لأنه عدم آلة الوصول إلى الماء الطاهر وهو العلم والطحاوي رحمه الله تعالى يقول في كتابه يخلط الماءين يتيمم وهذا أحوط لان بالإراقة ينقطع عنه منفعة الماء وبالخلط لا فإنه بعد الخلط يسقى دوابه ويشرب عند تحقق العجز فهو أولى وبعض المتأخرين من أئمة بلخ كان يقول يتوضأ بالإناءين جميعا احتياطا لأنه يتيقن بزوال الحدث عند ذلك لأنه قد توضأ مرة بالماء الطاهر وحكم نجاسة الأعضاء أخف من حكم الحدث فإذا كان قادرا على إزالة أغلظ الحدثين لزمه ذلك وقاسوا بمن كان معه سؤر الحمار يؤمر بالتوضي به مع التيمم احتياطا ولسنا نأخذ بهذا لأنه إذا فعل ذلك كان متوضئا بما يتيقن بنجاسته وتتنجس أعضاؤه أيضا خصوصا رأسه فإنه بعد المسح بالماء ينجس وان مسحه بالماء الطاهر لا يطهر فلا معنى للامر به بخلاف سؤر الحمار فإنه ليس بنجس ولهذا لو غمس الثوب فيه جازت صلاته فيه فيستقيم الامر بالجمع بينه وبين التيمم احتياطا ثم الأصل بعد هذا أن التحري في الفروج لا يجوز بحال لان التحري إنما يجوز فيما يحل تناوله عند الضرورة على ما قررنا أن استعمال التحري نوع ضرورة والفرج لا يحل بالضرورة ألا ترى أن المكره على الزنا لا يحل له الاقدام عليه ومن خاف الهلاك من فرط الشبق لا يحل له الاقدام على الوطئ في غير الملك فلهذا لا يحل الفرج بالتحري بحال بخلاف جميع ما تقدم من الفصول إذا عرفنا هذا فنقول رجل له أربع جوار أعتق واحدة منهن بعينها ثم نسيها لم يسعه أن يتحرى للوطئ لان المعتقة بعينها محرمة عليه فلا يحل له أن يقرب واحدة منهن حتى يعرف المحرمة بعينها وهذا لان قيام الملك في المحل شرط منصوص للحل وبتحريه لا يصير هذا الشرط معلوما بيقين بخلاف ما إذا أعتق إحداهن بغير عينها فان العتق في المنكر لا يزيل الملك عن المعين الا بالبيان فكان له أن يطأ من شاء منهن باعتبار الملك المتيقن به في المحل وكما لا يتحرى للوطئ هنا لا يتحرى للبيع لأن جواز البيع واباحته شرعا لا يكون الا باعتبار قيام الملك في المحل
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست