لا يباح الاقدام على قتله بخلاف ما إذا كان بالليل أو كان بالمفازة لان الغوث بالبعد منه عادة فإلى ان ينتبه الناس ويخرجوا ربما يأتي على نفسه فكان هو دافعا شر القتل عن نفسه وبخلاف السلاح فإنه آلة القتل من حيث أنه جارح فالظاهر أنه يأتي على نفسه قبل أن يلحقه الغوث فيباح له أن يقتله دفعا فلا يلزمه به شئ ولا يفصل بين قصده إلى المال أو إلى النفس بل هو على التقسيم الذي قلنا سواء أراد نفسه أو ماله ومقصوده من ايراد هذه المسألة ههنا الفرق بين اللصوص وبين أهل البغي فان في حق اللصوص المنعة تجردت عن تأويل وقد بينا ان في حق أهل البغي ان المغير للحكم اجتماع المنعة والتأويل وأنه إذا تجرد أحدهما عن الآخر لا يتغير الحكم في حق ضمان المصاب والعبد في جميع ما ذكرنا كالحر وعلى هذا لو أن لصوصا غير متأولين غلبوا على مدينة فقتلوا الأنفس واستهلكوا الأموال ثم ظهر عليهم أهل العدل أخذوا بجميع ذلك لتجرد المنعة عن التأويل وإذا غلب أهل البغي على مدينة فاستعملوا عليها قاضيا فقضى بأشياء ثم ظهر أهل العدل على تلك المدينة فرفعت قضاياه إلى قاضي أهل العدل فإنه ينفذ منها ما كان عدلا لأنه لو نقضها احتاج إلي إعادة مثلها والقاضي لا يشتغل بما لا يفيد ولا ينقض شيئا ليعيده وكذلك أن قضى بما رآه بعض الفقهاء لان قضاء القاضي في المجتهدات نافذ فلا ينقض ذلك قاضي أهل العدل من قضايا من تقلد من أهل البغي وإن كان مخالفا لرأيه وإذا اجتمع عسكر أهل العدل والبغي على قتال أهل الحرب فغنموا غنيمة اشتركوا فيها لأنهم مسلمون اشتركوا في القتال لاعزاز الدين وفى احراز الفئ بدار الاسلام وهو معني قول علي رضي الله عنه لن نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ويأخذ خمسها أهل العدل ليصرفوا ذلك إلى المصارف فان أهل البغي لا يفعلون ذلك لأنهم يستحلون أموالنا فالظاهر أنهم لا يصرفون الخمس إلى مصارفه ولان أهل العدل يؤمرون بأن يتكلفوا لتكون الراية لهم وإنما يظهر ذلك إذا كانوا هم الذين أخذوا الخمس وكذلك أن غنم أحد الفريقين دون الآخر اشتركوا فيها لان بعضهم ردء البعض وقد اشتركوا في الاحراز وكذلك إذا غزا الامام بجند المسلمين فمات في أرض الحرب واختلف الجند فيمن يستخلفونه ثم غنموا أو غنمت طائفة منهم اشتركوا فيها لأنهم مع هذا الاختلاف يجتمعون على قتال أهل الحرب لاعلاء كلمة الله تعالى واعزاز الدين فيشتركون في المصاب وقد بينا ان جيشا لهم منعة لو دخلوا دار الحرب من غير اذن الامام خمس ما أصابوا وقسم ما بقي بينهم علي سهام الغنيمة
(١٣٥)