المسلمين كاهل الحرب فإنهم في دار الحرب وأهل الحرب إذا أسلموا والتحقوا بالجيش لم يشاركوهم فيما أصابوا قبل ذلك وكذلك المرتدون إلا أن يلقوا قتالا فيقاتلوا قبل أن يخرجوا إلى دار الاسلام فحينئذ يشارك بعضهم بعضا لأنهم قاتلوا دفعا عن ذلك المال فكأنهم أصابوه بهذا القتال واشتركوا في احرازه بالدار فيشارك بعضهم بعضا في ذلك ثم هذا فيما أصابه المسلمون غير مشكل بمنزلة من أسلم من أهل الحرب والتحق بالجيش إذا لقوا قتالا فقاتل بعضهم وما أصاب المرتدون وإن لم يكن له حكم الغنيمة فإنه يأخذ حكم الغنيمة بهذا القتال كالمتلصص إذا أصاب مالا ثم لحقه جيش المسلمين فان مصابه يأخذ حكم الغنيمة حتى يخمس ولا شئ على من قتل المرتدين قبل أن يدعوهم إلى الاسلام لأنهم بمنزلة كفار قد بلغتهم الدعوة فان جددوها فحسن وان قاتلوهم قبل أن يدعوهم فحسن (قال) وإذا ارتد الغلام المراهق عن الاسلام لم يقتل وهنا فصلان إذا أسلم الغلام العاقل الذي لم يحتلم فاسلامه صحيح عندنا استحسانا وفى القياس لا يصح اسلامه في أحكام الدنيا وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم ومن كان مرفوع القلم فلا ينبني الحكم في الدنيا على قوله ولأنه غير مخاطب بالاسلام ما لم يبلغ فلا يحكم بصحة اسلامه كالذي لا يعقل إذا لقن فتكلم به وتقريره من أوجه أحدها أنه لا عبرة لعقله قبل البلوغ حتى يكون تبعا لغيره في الدين والدار بمنزلة الذي لا يعقل وتقرير هذا انه يحكم باسلامه إذا أسلم أحد أبويه مع كونه معتقدا للكفر بنفسه فإذا لم يعتبر اعتقاده ومعرفته في ابقاء ما كان ثابتا فكيف يعتبر ذلك في اثبات ما لم يكن ثابتا وبين كونه أصلا في حكم وتبعا فيه بعينه مغايرة على سبيل المنافاة والثاني انه لو صح اسلامه بنفسه كان ذلك منه فرضا لاستحالة القول بكونه مستقلا في الاسلام ومن ضرورة كونه فرضا أن يكون مخاطبا به وهو غير مخاطب باتفاق فإذا لم يمكن تصحيحه فرضا لم يصح أصلا بخلاف سائر العبادات فإنه يتردد بين الفرض والنفل وبخلاف ما إذا جعل مسلما تبعا لغيره لان صفة الفرضية في الأصل تغني عن اعتباره في التبع كالاقرار باللسان والاعتقاد بالقلب ولان اعتبار عقله قبل البلوغ لضرورة الحاجة إليه وذلك يختص بما لا يمكن تحصيله له من قبل غيره ففيما يمكن تحصيله له من جهة غيره لا حاجة إلى اعتبار عقله فلا يعتبر والدليل عليه انه لو لم يصف الاسلام بعدما عقل لا تقع الفرقة بينه وبين امرأته ولو صار عقله معتبرا في الدين لوقعت الفرقة إذا لم يحسن ان
(١٢٠)