الحربي لا يكون قربة الا ترى أنه لا يتنفل به وقد نهينا عن مبرة أهل الحرب قال الله تعالى إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين فلا يقع فعله موقع الصدقة بخلاف التصدق به على الذمي فإنه يقع موقع الصدقة لأنا لم ننه عن المبرة مع من لا يقاتلنا ولهذا جاز التنفل به (قال) ولو دخل مسلم دار الحرب بأمان فمكث فيها سنتين فعليه الزكاة في المال الذي خلف وفيما أفاد في دار الحرب لأنه مخاطب بحكم الاسلام حيث ما يكون إلا أن ماله الذي خلف في دار الاسلام إذا كان من السوائم فللسلطان حق أخذ الزكاة منه بخلاف ما أفاد في دار الحرب لان فيما أفاد في دار الحرب قد انعدمت الحماية من إمام المسلمين فلا يكون له أن يأخذ الزكاة منها ولكن يعنى من عليه بالأداء إلى فقراء المسلمين الذين يسكنون في دار الاسلام بخلاف ما إذا وجبت عليه الزكاة في دار الاسلام فإنه يؤمر بالدفع إلى أهل بلده لان فقراء أهل بلده لهم حق المجاورة مع الحاجة وقد بينا هذا في كتاب الزكاة فأما في دار الحرب قل ما يجد فقراء المسلمين ولو وجدهم فالفقراء الذين يسكنون في دار الاسلام أفضل من الذين يسكنون في دار الحرب وقد بينا أن من في دار الاسلام لو نقل صدقة بلده إلى فقراء بلدة أخرى هم أفضل من فقراء أهل بلدته فذلك أولى به ولو أن رجلا له مائة درهم وسيف فيه فضة مائة درهم ولا مال له غيره فعليه فيه الزكاة لان وجوب الزكاة في الفضة باعتبار العين فحلية السيف وغيرها من ذلك سواء في تكميل النصاب به (قال) ولو كانت له أو ان من الذهب والفضة للاستعمال لا للتجارة فعليه فيها الزكاة بخلاف اللؤلؤ والياقوت والجواهر إذا لم تكن للتجارة فإنه لا زكاة فيها لان وجوب الزكاة فيها باعتبار معنى النماء ولا يتحقق ذلك الا بنية التجارة فيها كسائر العروض فأما وجوب الزكاة في الذهب والفضة باعتبار عينها والعين لا تتبدل بالصنعة ولا بالاستعمال ثم لم يبين هنا ولا في كتاب الزكاة انه كيف يؤدى الزكاة من الأواني المصوغة. وقد روى عن محمد رحمه الله تعالى قال إذا كان له اناء مصوغ من الفضة وزنه مائتا درهم فاما أن يتصدق بربع عشره على فقير فيكون شريكا له في ذلك أو يؤدى قيمة ربع عشرة من الذهب فان أدى خمسة دراهم لم يسقط عنه جميع الزكاة وعليه أن يؤدى فضل القيمة وهذا صحيح على أصل محمد وزفر رحمهما الله تعالى في اعتبار القيمة فيما يؤدى مع المجانسة فإنه لا ربا في أداء الزكاة فأما على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ان أدى خمسة دراهم تسقط عنه
(٣٧)