الامر في الابتداء ثم لا يرجع المؤدى على الآمر هنا الا بالشرط بخلاف المأمور بقضاء الدين فهناك أمره أن يملك ما ى ذمته بما يؤدى فله حق الرجوع عليه بدون الشرط وهنا لا يصير مملكا منه شيئا في ذمته بما يؤدى. يوضح الفرق بينهما أن هناك هو مطالب بقضاء الدين يجبر عليه في الحكم فهو بالأداء بأمره سقطت عنه هذه المطالبة فثبت له حق الرجوع عليه وهنا من عليه الزكاة لا يطالب بأداء الزكاة ولا يجبر عليه في الحكم فلا يثبت للمؤدى بأمره حق الرجوع عليه الا بالشرط كمن يقول لغيره عوض هبتي من مالك لفلان فعوضه لا يرجع الا بالشرط * (قال) * رجل له مائتا قفيز حنطة للتجارة قيمتها مائتا درهم فحال الحول عليها ثم رجعت قيمتها إلى مائه درهم فان أراد أداء الزكاة من العين تصدق بربع عشرها خمسة أقفزة بالاتفاق وان أراد أداء الزكاة من القيمة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يؤدى خمسة دراهم معتبرا وقت الوجوب وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يؤدى درهمين ونصفا معتبرا وقت الأداء فالأصل عندهما ان الواجب جزء من العين وهو ربع العشر جاء في الأثر هاتوا ربع عشر أموالكم ولان الواجب فيما هو مملوك له وهو العين إلا أن له ولاية نقل الحق من العين إلى القيمة باختياره فتعتبر قيمة العين وقت الاختيار زائدا كان أو ناقصا وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الواجب عند حولان الحول اما ربع عشر العين أو ربع عشر القيمة يتعين ذلك باختياره والمخير بين الشيئين إذا أدى أحدهما تعين ذلك من الأصل واجبا. والدليل على هذا ان تأثير القيمة في إيجاب الزكاة هنا أكثر من تأثير العين حتى إذا كمل النصاب من حيث القيمة تجب الزكاة سواء كان كاملا من حيث العين أو لم يكن وقد فرع على هذه المسألة بابا في الجامع فما زاد على هذا فيما أمليناه في شرح الجامع وقررنا الفرق بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد على أصل الكل * (قال) * والعشر واجب في قليل العسل وكثيره عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا كان في أرض العشر كما هو مذهبه في باب العشر وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى ليس فيما دون خمسة أوسق من العسل العشر ومراده من هذا اللفظ أن تبلغ قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما يدخل تحت الوسق فالحاصل أن ما لا يدخل تحت الوسق كالقطن والزعفران والسكر والعسل عند أبي يوسف رحمه الله تعالى تعتبر القيمة فيه وعند محمد رحمه الله تعالى يعتبر فيه خمسة أمثال أعلى ما يقدر به ذلك الشئ ففي القطن يعتبر خمسة أحمال وفي الزعفران خمسة أمنان وفي السكر كذلك وفي العسل
(١٥)