المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١١٤
رواية أسد بن عمرو والحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى ووجهه ان الزبيب نظير التمر فإنهما يتقاربان في المقصود والقيمة فكما يتقدر من التمر بصاع فكذلك من الزبيب وقد روى في بعض الآثار أو صاعا من زبيب وجه قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ان الزبيب نظير البر فإنه مأكول فكما يتقدر من البر بنصف صاع لهذا المعنى فكذلك من الزبيب والأثر فيه شاذ وبمثله لا يثبت التقدير فيما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلى معرفته لأنه لو كان صحيحا لاشتهر لعلمهم به وان أراد الأداء من سائر الحبوب أعطى باعتبار القيمة وقد بينا جواز أداء القيمة عندنا وهذا لأنه ليس في سائر الحبوب نص على التقدير فالتقدير بالرأي لا يكون وكذا من الأقط يؤدى باعتبار القيمة عندنا. وقال مالك رضي الله عنه يتقدر من الأقط بصاع وقال الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه لا أحب له الأداء من الأقط وان أدى فلم يتبين لي وجوب الإعادة عليه وهذا الحديث روى أو صاعا من أقط وبه أخذ مالك رحمه الله تعالى وقال الا قط كان قوتا لأهل البادية في ذلك الوقت كما أن الشعير والتمر كانا قوتا في أهل البلاد وأصحابنا قالوا الحديث شاذ لم ينقل في الآثار المشهورة وبمثله لا يجوز أثبات التقدير فيما تعم به البلوى فيبقي بالقيمة فإن كانت قيمته قيمة نصف صاع من بر أو صاع من شعير جاز وإلا فلا والحاصل ان فيما هو منصوص لا تعتبر القيمة حتى لو أدى نصف صاع من تمر تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من بر لا يجوز لان في اعتبار القيمة هنا ابطال التقدير المنصوص في المؤدى وذلك لا يجوز فاما ما ليس بمنصوص عليه فإنه ملحق بالمنصوص باعتبار القيمة إذ ليس فيه ابطال التقدير المنصوص وسويق الحنطة كدقيقها لان التقدير منه نصف صاع لما بينا في الدقيق والله تعالى أعلم بالصواب باب الاعتكاف الاعتكاف قربة مشروعة بالكتاب والسنة اما الكتاب فقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد فالإضافة إلى المساجد المختصة بالقرب وترك الوطئ المباح لأجله دليل على أنه قرب والسنة حديث أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله تعالى وقال الزهري عجبا من الناس كيف تركوا الاعتكاف ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست