إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٩
بعد. فإن النكاح جنة يتقى بها من الفتنة وجنة يتلى على متفيئ ظلالها أسكن أنت وزوجك الجنة تثمر رياض الرحمة بين الزوجين والوداد. وتطلع زينة الحياة الدنيا إذا حملت غرائسه ثمرة الفؤاد وناهيك ما ورد فيه من الآيات والأحاديث الثابتة بصحيح الرواية فمن الآيات الشريفة قوله تعالى عز من قائل: * (يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل) * (1) وقوله تعالى في كتابه المصون * (هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون) * (2) وقال تعالى معلنا بأن الفقر ليس عذرا عن اجتناء وصله وأن المعمول على فضله العميم * (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) * (3) ومن الأحاديث الشريفة قوله (ص) ناهيا عن التبتل والتأني: أما والله إني لأخشاكم من الله وأتقاكم، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وقوله (ص) منبها على مزية الابكار وفضلهن الكثير تزوجوا الابكار، فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير وقوله (ص) مرشدا إلى أقوى المسالك خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبك في نفسها ومالك وقوله (ص) محرضا على النكاح ومنفرا عن الطلاق لما فيه من الأرش تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز منه العرش. هذا وقد ورد عن سيدنا رسول الله (ص) حين زوج سيدنا عليا بسيدتنا فاطمة رضي الله عنهما أنه خطب فقال.
ونطق بأفصح مقال: الحمد لله المحمود بنعمته. المعبود بقدرته. المطاع بسلطانه المرهوب من عذابه وسطوته النافذ أمره في سمائه وأرضه. الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه (ص) إن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سببا لاحقا وأمرا مفترضا أوشج به الأرحام. وألزم الأنام. فقال عز من قائل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) * (4). فأمر الله يجري على قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل قضاء قدر ولكل قدر أجل ولكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله (ص) وعلى آله وأصحابه * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * (5) * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) * (6) * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) * (7) أما بعد فإن الأمور كلها بيد الله يقضي فيها ما يشاء ويحكم ما يريد لا مؤخر لما قدم ولا مقدم لما أخر ولا يجتمع اثنان ولا يفترقان إلا بقضاء وقدر وكتاب من الله قد سبق. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدي ولمشايخي ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. (قوله: وقبل الخطبة) هي بكسر الخاء: التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة (قوله: وكذا قبل الإجابة) أي وكذا تسن قبل الإجابة من جهة المخطوبة (قوله: فيبدأ كل) أي من الخاطب والمجيب له. وقوله ثم يقول:
أي أحدهما: وهو الخاطب (قوله: في كريمتكم) أي أختكم وقوله أو فتاتكم: هي الشابة. ع ش (قوله: فيخطب الولي أو نائبه كذلك) أي خطبة مشتملة على الحمد والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والوصية

(1) سورة الحجرات، الآية: 13.
(2) سورة يس، الآية: 56.
(3) سورة النور، الآية: 32.
(4) سورة الفرقان، الآية: 54.
(5) سورة آل عمران، الآية: 102.
(6) سورة النساء، الآية: 1.
(7) سورة الأحزاب، الآية: 70.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست