الثاني به لجواز استنابة اثنين فأكثر في حفظها. ثم إن صرح المالك باجتماعهما على حفظها تعين فيضعانها في حرز واحد لهما بأن يكون لكل منهما اليد عليه بملك أو إجارة اتفقا في ذلك أو اختلفا فيه ولكل منهما مفتاح عليه، فلو انفرد أحدهما بحفظها مع رضا الآخر ضمن كل منهما وعلى كل منهما قرار النصف، وإن لم يكن مع رضا الآخر اختص المنفرد وحده ضمانا وقرارا وإن لم يصرح المالك باجتماعهما على حفظها جاز الانفراد زمانا ومكانا مناوبة، كأن يحفظها كل منهما في حرزه يوما أو نحوه (قوله: لا إن كان لعذر) أي لا يضمن بإيداعه للغير إن كان لعذر، ومحله إذا تعذر ردها لمالكها أو وكيله ويجب عند فقدهما وضعها عند قاض ثم أمين والمراد به مستور العدالة ولا يكلف تأخير السفر لما في ذلك من المشقة (قوله: كمرض) أي للمودع، وهو تمثيل للعذر. وقوله وسفر، أي مباح فلا يجوز إيداعه للغير إذا سافر إلا إذا كان السفر مباحا لان إيداعها للغير رخصة فلا يبيحها سفر المعصية (قوله: وخوف الخ) أي للوديعة لوجود حريق في البقعة التي هي فيها (قوله: وإشراف حرز على خراب) أي ولم يجد حرزا ينقلها إليه (قوله: وبوضع في غيره حرز مثلها) عطف على بإيداع غيره، أي ويضمنها بوضعها في غير ذلك، وعبر غيره عن هذا السبب بتضييعها وهو أولى لأنه صادق بما إذا وضعها في غير حرز مثلها وبنسيانها وبدلالة ظالم عليها معينا محلها له، كما تقدم (قوله: وبنقلها) عطف بإيداع أيضا، أي ويضمنها أيضا بنقلها إلى دون حرز مثلها، أي بنقلها من محلها الذي هو حرز مثلها إلى ما هو دونه في الحرز ولو كان ذلك الدون حرز مثلها، وذلك لأنه عرضها للتلف بذلك، أما إذا تساويا أو كان المنقول إليه أحرز فلا يضمن لعدم التفريط من غير مخالفة، لكن محله ما لم ينهه المالك عن نقلها وإلا ضمن مطلقا. إن نقلها بظن أنها ملكه ولم ينتفع بها لم يضمن (قوله: وبترك دفع متلفاتها) عطف على بإيداع أيضا: أي ويضمنها أيضا بترك دفع متلفاتها التي يتمكن من دفعها على العادة لأنه من أصول حفظها. فعلم إنه لو وقع بخزانته حريق فبادر لنقل أمتعته فاحترقت الوديعة لم يضمنها مطلقا. ووجهه ابن الرفعة بأنه مأمور بالابتداء بنفسه. ونظر الأذرعي فيما لو أمكنه إخراج الكل دفعة من غير مشقة لا تحتمل لمثله عادة، كما هو ظاهر، أو كانت فوق فنحاها وأخرج ماله الذي تحتها، والضمان في الأولى متجه وفي الثانية محتمل. اه. (قوله:
كتهوية الخ) تمثيل للدفع المتروك، والأولى أن يقول كترك تهوية تمثيلا لترك دفع وليلائم ما بعده. وقوله أو ترك لبسها، أي ثياب الصوف. وقوله عند حاجتها: متعلق بتهوية أو بترك المقدر قبلها أو بترك لبسها وهنا متعلق محذوف، أي عند حاجة ثياب الصوف لما ذكر، أي لكل من التهوية واللبس. وفي التحفة: وظاهر كلامهم أنه لا بد من نية نحو اللبس لأجل ذلك وإلا ضمن به، ويوجه في حال الاطلاق لان الأصل الضمان حتى يوجد صارف له. اه. وفي النهاية مع الأصل:
وكذا عليه لبسها لنفسه إن لاق به عند حاجتها بأن تعين طريقا لدفع الدود بسبب عبق ريح الآدمي لها. نعم، إن لم يلق به لبسها ألبسها من يليق به بهذا القصد قدر الحاجة مع ملاحظته، كما قاله الأذرعي، فإن ترك ذلك ضمن ما لم ينهه. نعم، لو كان ممن لا يجوز له لبسها كثوب حرير ولم يجد من يلبسه ممن يجوز له لبسه أو وجده ولم يرض إلا بأجرة فالأوجه الجواز، بل الوجوب. ولو كانت الثياب كثيرة بحيث يحتاج لبسها إلى مضي زمن يقابل بأجرة فالأقرب أن له رفع الامر للحاكم ليفرض له أجرة في مقابلة لبسها، إذ لا يلزمه أن يبذل منفعته مجانا كالحرز. اه. (قوله: وبعدول عن الحفظ المأمور به) عطف على بإيداع أيضا، أي ويضمنها أيضا إذا تلفت بسبب عدوله عن الحفظ المأمور به لتعديه، فلو قال له لا ترقد على الصندوق فرقد عليه وانكسر بثقله فتلف ما فيه ضمن لحصول التلف من جهة مخالفته وتقصيره، بخلاف ما لو تلف بغير ذلك كسرقة فلا يضمن لان رقاده عليه زيادة في الحفظ. نعم، إن كان الصندوق في نحو المحراب فسرق من جانبه الذي لو لم يرقد على الصندوق لرقد فيه ضمن، ومثله ما لو أمره بالرقاد أمامه فرقد فوقه فسرق من أمامه. وقوله من المالك: متعلق بالمأمور، ولو أسقطه لكان أولى ليشمل الامر الشرعي فيما إذا أعطاه دراهم ولم يبين له وجه الحفظ، فإنه إن ربطها في كمه وأمسكها بيده أو جعلها في جيبه ولو الذي على وركه وليس واسعا أو واسعا وزره لم يضمن، فإن لم