المسائل السروية - الشيخ المفيد - الصفحة ٩٩
واستحقاقه الثواب.
وأنه لا تحابط بين المعاصي والطاعات (1)، لاجتماعها من المكلف في حالة واحدة (2).
وأن استحقاق الثواب لا يضاد استحقاق العقاب، إذ لو ضاده لتضاد الجمع بين المعاصي والطاعات، إذ بهما يستحق الثواب والعقاب. وإذا ثبت اجتماع الطاعة والمعصية دل على استحقاق الثواب والعقاب (3).
وهذا يبطل قول المعتزلة في التحابط (4) المخالف لدليل الاعتبار.
وقد قال الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون) * (5).
وقال تعالى: * (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى

(١) أصل الحبط في اللغة: هو أن تأكل الماشية شيئا يضرها فتعظم بطونها فتهلك، فسمي بطلان الأعمال بهذا لأنه كفساد الشئ بسبب ورود المفسد عليه. وحبط الأعمال عند من يقول به - من المعتزلة ومن وافقهم - معناه: أن المعصية اللاحقة تحبط الثواب السابق، إما بشرط الموازنة - وهو قول أبي هاشم -، وإما لا بشرط الموازنة، وهو قول أبي علي الجبائي.
ومعنى الموازنة: أن يسقط من الاستحقاق الزائد ما يقابل الاستحقاق الناقص ويبقى الباقي، فلو كان أحد الاستحقاقين عشرة - مثلا - والآخر خمسة، تسقط الخمسة من الزائد وتبقى خمسة. وأما على قول أبي علي فإن الاستحقاق الناقص يبطل كليا ويبقى الزائد.
تفسير الرازي ٦: ٣٨، مجمع البحرين - حبط - ٤: ٢٤١.
(٢) " لاجتماعها... واحدة، ليس في " م ".
(٣) وعلى هذا القول أجمع الإمامية، ووافقهم عليه الشافعي، وانتصر له الرازي في تفسيره.
أنظر: الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: ١٩٣ - ٢٠٦، تجريد الاعتقاد: ٣٠٣، الكشاف للزمخشري ١: ٢٥٩، تفسير الرازي ٦: ٣٦ - ٣٩، تفسير القرطبي ٣: ٤٨.
(٤) في " م ": الحبط.
(٥) الأنعام ٦: 160.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»