فابتدعت خلقي من مني يمنى، واسكنتني في ظلمات ثلاث، بين لحم ودم وجلد، لم تشهدني خلقي، ولم تجعل الي شيئا من امري، ثم اخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا، وعطفت علي قلوب الحواضن، وكفلتنى الا مهات الرواحم، وكلا تنى من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتى اذا استهللت ناطقا بالكلام، اتممت علي سوابغ الا نعام، وربيتني زائدا في كل عام، حتى اذا اكتملت فطرتي، واعتدلت مرتي، اوجبت علي حجتك بان الهمتني معرفتك، وروعتني بعجائب حكمتك، وايقظتني لما ذرات في سماءك وارضك من بدائع خلقك، ونبهتني لشكرك وذكرك، واوجبت علي طاعتك وعبادتك، وفهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل مرضاتك، ومننت علي في
(٢٦٦)