فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ١٠
الجسمية إلى غيرها، والمثل في ذلك النحاس الذي تتخذ منه صورة الفرس مرة ثم تنقص ذلك وتتخذ منه صورة انسان ثم تنقص فتتخذ منه صورة طائر فتبطل صورة بعد صورة والنحاس قائم على حاله لان الصورة عرض " في الجوهر " والهيولي جوهر وعلى هذا تكون استحالات الصور في الهيولى حالا بعد حال غير أن الأسماء انما تقع على الصور دون الهيولى كقولك الباب والكرسي والسرير فهيولى هذه كلها الخشب وانما اختلفت أسماؤها لاختلاف صورها، وكذلك أجناس الحيوانات كلها انما اختلفت أسماؤها لاختلاف صورها وكذلك الأجناس فاما هيولاها كلها فاللحم والعظم والدم وكذلك هيولى الإبرة والسكين والفأس والسيف هو الحديد فلما اختلفت صورها سمي كل واحد باسم آخر، والصورة اثنتان الأول منها الكمية والثانية الكيفية وانما تقدمت الكميات لأنها هي التي تحمل الكيفيات أعني بالكميات قولك كم هذا الشئ و (بالكيفيات) (1) (قولك) (2) كيف هذا الشئ فالكمية هي مثل الطول والعرض والعمق والكيفية هي الألوان والأرائح والمذاقات والحر والبرد والرطوبة واليبس فهذه الكيفيات كلها اعراض في الجسم وسأذكرها فيما بعد انشاء الله. وحد الجسم انه شئ ذو طول وعرض وعمق فكل شئ له طول وعرض وعمق فهو جسم، وحد الطول انه ابتداء العرض، وحد العرض انه ابتداء السمط، وحد السمط انه غاية الجسم، و حد الهيولى من جهة التعليم انها قوة قابلة للصور المختلفة وحدها من جهة الطباع انه شئ لأقوام له الا بغيره مثل البياض والسواد و انه شئ قائم بذاته وقابل للمتضادات وذلك أن الجسم يصير مرة اسود ومرة ابيض ومرة حلوا ومرة مرا واما الجسمية فقائم

(1) " في الكيفيات (2) كقولك "
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»