المراثي قال - رحمه الله - يرثي الحاج مهدي كبه (549) ويعزي أباه الحاج محمد صالح:
غمضت بغتة جفون الفناء * فوق إنسان مقلة العلياء وله نقبت بغاشية الحزن * محيا الدنيا يد النكباء (550) حملت وقر عبئها كاهل الدهر * فأمسى يرغو (551) من الاعياء نكبة لم تدع جليدا على الوجد * (552) ولا صابرا على اللاواء ليت أم الخطوب تعقم ماذا * أنتجت بغتة من الارزاء؟!
ولدت حين عنست (553) هرما ما * لم تلد مثله بوقت الصباء فأصابت يداه في حرم المجد * فؤاد العليا (554) بسهم القضاء فقضت نحبها، وغير عجيب * قد أصيبت بأرأس الأعضاء يا صريع الحمام صلى عليك * الله من نازل بربع الفناء وسقى منه تربة ضمنت جسمك * غيث الغفران والنعماء فحقير نوء الجفون وما قدر * جفون السحاب والأنواء أين عيس المنون فيك (555) استقلت * بالحصيف المضفر (556) الآراء ذهبت في معرس السفر جودا * وروى حوم الأماني الظماء نعم رب الندى حلما إذا النكباء * طارت بحوبة الحلماء نعم رب الحجى إذا أكل الطيش * حجى الحازمين في اللاواء نعم رب الندى إذا كسع (557) الشول * بأغبارها عيال الشتاء نعم رب القرى إذا هبت الريح * شمالا في الشتوة الغبراء نعم رب الجفان ليلة يمسى * بضياهن مقمر الظلماء يا عفاء الأنام شرقا وغربا * دونكم فاحتبوا بثوب العفاء واقصروا أعين الرجاء قنوطا * من إليه تمتد في البأساء؟؟
وانحبوا عن حريق وجد لمن كان * عليكم أحنى من الاباء (يستقل الحبا لكم إن وفدتم * ولو المشرقان بعض الحباء) (558) لو بكته عيونكم وأفضن الا * بحر السبع والحيا في البكاء لم تفوه معشار ما قد أفاضت * لكم راح كفه البيضاء رحلوا العيس قاصدين ضريحا * فيه ما فيه من على وسخاء واعقروا عنده وجل عن العقر * قلوبا مطلولة السوداء جدث ماء عيشكم غاض فيه * فانضحوا فوقه دم الأحشاء حل فيه من قد كفى (آدما) في * غيث جدواه عيلة الأبناء (ليت شعري أنى دنا الموت منه * وهو في ربع عزة قعساء) (559) (هل أتاه مسترفدا حين أعطى * ما حوته يداه للفقراء) (560) ودت المكرمات أن تفتديه * ببنيها الأماجد الكرماء هم مكان الجفون منها ولكن * هو في (561) عينها مكان الضياء وهم في الحياة موتى ولكن * هو ميت يعد في الاحياء فحبا نفسه الردى إذ (562) أتاه * مستميحا يمشي على استحياء بعد ما عاشت العفاة زمانا * من نداه في أسبغ النعماء علمت فقرها ولم تعلم * إليه الردى من الفقراء يا عقيدي على الجوى كبر (563) الخطب * فأهون بالدمعة البيضاء أجر من ذوب قلبك الدمعة الحمراء * حزنا في الوجنة الصفراء عود صبري من اللحا قد تعرى * فانبذ الصبر لوعة في العراء (564) إن تسلني عن ظلمة الكون لما * حلن أنوار أرضه والسماء فهو أثواب ليل حزن دجاه * طبق الخافقين بالظلماء قد خفقن النجوم منه بجنح * سام أنوارهن بالاطفاء ولبدر الغبراء حال أخوه * بدر أهل الغبراء والخضراء وإلى الشمس قد نعوه فماتت * جزعا من سماع صوت النعاء وله غص بالمصاب ولما * يتنفس حتى قضى ابن ذكاء وقف المجد ناشدا يوم أودي * شاحب الوجه كاسف الأضواء هل ترى (صالحا) على الأرض لما * غاب فيها (المهدي) بدر العلاء قلت خفض عليك من عظم الامر * ونهنه من لوعة البرحاء ليس إلا (محمد صالح) يوجد * في الأرض من بني حواء في التقى (565) والصلاح والزهد والخشية * والنسك بل وحسن الرجاء هي في العالمين أجزاء لكن * هو كل لهذه الاجزاء وبيوم المعاد لو لقي الخلق * بأعماله إله السماء كان حقا أن يعدم النار إذ ليس * نصيب للنار في الأتقياء ليس ينفك للجميل قريبا * وبعيدا عن خطة الفحشاء ومهابا له على أعين الدهر * قضى الكبرياء بالاغضاء وبليغا قد انتظمن معانيه * (566) بسلك الاعجاز للبلغاء وفصيحا بنطقه يخرس (567) الدهر * فما قدر سائر الفصحاء فارس المشكلات إن ندبوه * لبيان المقالة العوصاء فهو من غر (568) لفظه يطعن الثغرة * منه بالحجة البيضاء واحد الفضل ماله فيه ثان * غير (عبد الكريم) غيث العطاء بعقود الثناء فخرا تحلى * وتحلت به عقود الثناء الذكي الذي إذا قست أهل * الفضل (569) فيه كانوا من الأغنياء والمصلى للمجد خلف (570) أخيه * في سباق الأشباه والنظراء ضربا في العلى بعرق كريم * واحد دون سائر الأكفاء ينتمي كل واحد منهما عند * انتساب الأبناء للآباء للكرام الأكف تحسب فيهن * يذوب الغمام يوم السخاء (571) معشر المجد، شيعة الشرف الباذخ، * بيض الوجوه خضر الفناء قد حباهم (محمد) بجميل * الذكر إذ كان (صالح) الأبناء (572) يقظ القلب في حياطة دين الله * حتى في حالة الاغفاء ذو يمين بيضاء لم تتغير * بأثام (البيضاء) و (الصفراء) يا عليما يصيب شاكلة الغيب * بتسديد (573) أسهم الآراء وكظيما للحزن يطوي حشاه * جلدا فوق زفرة خرساء لك ذلت عرامة (574) الدهر حتى * لك أمسى يعد في الوصفاء (575) ملكت رقة يمينك فالعالم * من رقه من العتقاء ولئن قد أساء فالعبد للمولى * مسي جهلا بغير اهتداء أنت أطلقت أسر أعوامه الغبر * من الجدب بالندى والسخاء فجنى ما جنى، وغير عجيب * إنما السوء عادة الطلقاء ولئن كان مسخطا لك بالأمس * بهذي المصيبة الصماء فلك اليوم في (محمد) الندب * (الرضا) عنه فهو أعلى الرضاء ذو محيا كالبدر يقطر منه * مثل طل (576) الانداء ماء الحياء وعلا هي السماء، مساعيه * نجوم لالاؤها بالضياء ومزايا لم أرض نظمى فيها * ولو انى نظمت شهب السماء أو فم الدهر كنت فيه لسانا * ناطقا ما بلغت بعض الثناء دون احصائها الكلام تناهى * فغدت مستحيلة الاحصاء تيمت (577) قلبه حسان المعالي * بهواهن، لا حسان الظباء وعلى الخلق خلقه فاض بالبشر * فأزرى بالروضة الغناء خلق شف، فالهواء كثيف * عنده إن قرنته بالهواء أرضعته العلا ثديا وثديا * رضع (المصطفى) ابن أم العلا فهما في الزمان يقتسمان * الفخر دون الورى بخط سواء ألفت نفسه السماح فتيا * بوركا من فتوة وفتاء وحوى الفضل يافع السن لما * فات شوط المشايخ العظماء يا رحاب الصدور في كل خطب * وثقال الحلوم عند البلاء لن تضلوا السبيل والبدر (هاد) * لكم في دجنة الغماء (578) وأخوه (محمد) حلمكم فيه * حسين رأس لدى النكباء (579) ولكم أوجه بكل مهم (580) * ليس منها يحول حسن الثناء ونفوس إذا التقت بالرزايا * غير مضعوفة القوى باللقاء وكملس الصفا قلوب لدى الخطب * بها رن (581) مقطع الارزاء إن أسمكم حسن الأسى ولاضعاف * أساكم تضمنت أحشائي فلكم بعضكم ببعض عزاء * ولنا فيكم جميل العزاء.