خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٢١
وكأنه يريد به تقليل الأقسام مهما أمكن. وعلى أي تقدير كان مهما: هاهنا مبتدأ ولي: هي الخبر والليلة: ظرف معمول إما لمتعلق الجار في لي والتقدير: ما حصل لي وإما بما تضمنه معنى الجملة الكبرى لأن معناها ما أصنع وما ألبس. وأودى: هلك وتلف.
والنعلان: مثنى نعل وهو ما وقيت به الرجل من الأرض. والسربال بالكسر: القميص وقيل الدرع وقيل: كل ما ليس على البدن. والباء في قوله بنعلي: زائدة في الفاعل.
قال أبو علي في كتاب الشعر: يجوز أن تكون الباء زائدة كأنه قال أودى نعلاي فلحقت الباء كما لحقت في: كفى بالله. فإن قلت: فلم لا تجعل الباء زائدة في المفعول به ويكون الفاعل مضمرا كأنه قال: أودى مود بنعلي فتضمره للدلالة عليه كما أضمر في قوله تعالى: ثم بدا لهم فالقول أن هذا أضعف لأنه ليس في مود الذي تضمره زيادة على ما استفدته في قوله أودى وليس قوله سبحانه: ثم بدا لهم كذلك لأن البدا والبداء قد صارا بمنزلة المذهب في قولك: ذهب به مذهب وسلك به مسلك.
فإن قلت: فلم لا تجعل فاعل أودى ذكرا يعود إلى ما في قوله: مهما لي الليلة فإن ذلك أيضا ليس بالقوي لأن المعنى يصير: كأنه أودى شيء بنعلي.
فإذا جعلت الباء لاحقة للفاعل كان أشبه ولا تزيد مع الفاعل من الحروف الجارة غير الباء في) قول سيبويه في الإيجاب كما لم تزد فيه غير الباء في المبتدأ. انتهى كلام أبي علي.
وذهب ابن الحاجب في أماليه إلى أن الباء للتعدية. قال: والباء باء التعدية يعني: أذهبهما واختار ابن هشام في المغني مذهب أبي علي لكنه جعل زيادة الباء في الفاعل مختصا بالضرورة تبعا لابن عصفور في كتاب الضرائر.
ثم نقل كلام ابن الحاجب وتعقبه بقوله: ولم يتعرض لشرح الفاعل وعلام يعود إذا قدر ضميرا في أودى. ويصح أن يكون التقدير: أودى هو أي: مود أي: ذهب ذاهب.
ولا يخفى عليك أن هذا التوجيه قد رده أبو علي وبين ضعفه.
وهذا البيت مطلع قصيدة لعمرو بن ملقط الطائي عدتها اثنا عشر بيتا أوردها أبو زيد وابن الأعرابي في نوادريهما.
وما بعده على رواية أبي زيد: السريع * إنك قد يكفيك بغي الفتى * ودرأه أن تركض العالية * * بطعنة يجري لها عاند * كالماء من غائلة الجابيه * * يا أوس لو نالتك أرماحنا * كنت كمن تهوي به الهاوية * * ألفيتا عيناك عند القفا * أولى فأولى لك ذا واقيه * * ذاك سنان محلب نصره * كالجمل الأوطف بالروايه * * يا أيها الناصر أخواله * أأنت خير أم بنو جاريه * * والخيل قد تجشم أربابها ال * شق وقد تعتسف الداويه * * يأبى لي الثعلبتان الذي * قال ضراط الأمة الراعيه * * ظلت بواد تجتني صمغة * واحتبلت لقحتها الآنية * * ثم غدت تنبذ أحرادها * إن متغناة وإن حاديه
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 24 25 26 27 ... » »»