قال الأعلم: هذا من أقبح الضرورة لأن الجازم أضعف من الجار وحرف الجر لا يضمر. وقد قيل: إنه مرفوع حذفت لامه ضرورة واكتفي بالكسرة منها. وهذا أسهل في الضرورة وأقرب.
وقال النحاس: سمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد ينشد هذا البيت ويلحن قائله وقال: أنشده الكوفيون ولا يعرف قائله ولا يحتج به ولا يجوز مثله في شعر ولا غيره لأن الجازم لا يضمر ولو جاز هذا لجاز يقم زيد بمعنى: ليقم. وحروف الجزم لا تضمر لأنها أضعف من حروف الخفض وحرف الخفض لا يضمر.
فبعد أن حكى لنا أبو الحسن هذه الحكاية وجدت هذا البيت في كتاب سيبويه يقول فيه: وحدثني أبو الخطاب أنه سمع هذا البيت ممن قاله.
قال أبو إسحاق الزجاج احتجاجا لسيبويه: في هذا البيت حذف اللام أي: لتفد. قال: وإنما سماه إضمارا لأنه بمنزلته.
وأما قوله: أو يبك من بكى فهذا البيت لفصيح وليس هذا مثل الأول وإن كان سيبويه قد جمع بينهما.
وذلك أن المعطوف يعطف على اللفظ وعلى المعنى فعطف الشاعر على المعنى لأن الأصل في الأمر أن يكون باللام فحذفت تخفيفا والأصل: فلتخمشي فلما اضطر الشاعر عطف على المعنى فكأنه قال: فلتخمشي ويبك فيكون الثاني معطوفا على معنى الأول.
والبعوضة: موضع بعينه قتل في رجال من قومه فحض على البكاء عليهم.
وحذا ابن هشام في المغنى هذا الحذو وقال: وهذا الذي منعه المبرد أجازه الكسائي في الكلام بشرط تقدم قل وجعل منه: قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة أي: ليقيموا.