وقد غلطه شراحه منهم ابن هشام اللخمي في شرح أبيات الجمل قال: مذ أمسا جار ومجرور ومذ هنا حرف جر وهي بمنزلة في كأنه قال: لقد رأيت عجبا في أمس والعامل وقد غلط أبو القاسم فيها وزعم أنها في البيت مبنية على الفتح وإنما هي في البيت على لغة بعض بني تميم. وليس في العرب من يبنيها على الفتح وهي مخفوضة بمذ ولكنها لا تنصرف عندهم للتعريف والعدل.
وإنما دخل عليه الوهم من قول سيبويه: وقد فتح قوم أمس مع مذ لما رفعوا وكانت في الجر هي التي ترفع شبهوها بها. وأنشد البيت على ذلك. فتوهم أنه لما ذكر الفتح الذي هو لقب البناء أنه أراد أن أمس مبني.
ولو تأمل لبان له العذر في ذكر الفتح هنا إذ لا يمكن أن تسمى الحركة التي يحدثها عامل الجر نصبا لأنها ليست للنصب إنما هي للجر. وسوى بين عمل الجار والناصب دلالة على ضعف الجار فيما لا ينصرف ولم يسمها جرا استقلالا لها لأنها لما ضمت إلى النصب صارت كأنها غير جر البتة.) ألا تراه قال: وجميع ما لا ينصرف إذا أدخلت عليه الألف واللام انجر وهو لم يزل مجرورا إلا أنه جعل الجر المحمول على النصب غير جر. وإلا فالعوامل في المنصرف وغير المنصرف واحدة.
فاعلم ذلك. انتهى كلام اللخمي.
وقال النحاس: قال سيبويه: قد فتح قوم أمس في مذ إلخ. هذا من كلام سيبويه مشكل يحتاج إلى الشرح. وشرحه علي بن سليمان قال: أهل الحجاز على ما حكاه النحويون يكسرون أمس في الرفع والنصب والخفض وبنو تميم يرفعونه في موضع الرفع بلا تنوين يجعلونه بمنزلة ما لا ينصرف.