خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٩٣
والفرق بينه وبين النعت كون الاسم في باب النعت تابعا لما قبله من غير وساطة شيء فهو أشد له مجاورة بخلاف العطف إذ قد فصل بين الاسمين حرف العطف وجاز إظهار العامل في بعض المواضع فبعدت المجاورة.
وذهب بعض المتفقهة من أصحابنا الشافعية إلى أن الإعراب على المجاورة لغة ظاهرة وحمل على ذلك في العطف الآية الكريمة وقوله تعالى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين قال: فخفض المشركين لمجاورة أهل الكتاب. وما ذهب إليه يمكن تأويله على وجه أحسن فلا حجة فيه. انتهى.
وقال ابن هشام في المغني: وقيل به في وحور عين فيمن جرهما فإن العطف على ولدان مخلدون لا على أكواب وأباريق إذ ليس المعنى أن الولدان يطوفون عليهم بالحور.
وقيل العطف على جنات وكأنه قيل: المقربون في جنات وفاكهة ولحم طير وحور. وقيل على أكواب باعتبار المعنى إذ معنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب ينعمون بأكواب. انتهى.
وأما قوله في البدل فقد قال أبو حيان أيضا: لم يحفظ ذلك في كلامهم ولا خرج عليه أحد من علمائنا شيئا فيما نعلم.
وسبب ذلك والله أعلم أنه معمول لعامل آخر لا للعامل الأول على أصح المذهبين ولذلك يجوز ذكره إذا كان حرف جر بإجماع وربما وجب إذا كان العامل رافعا أو ناصبا.
ففي جواز إظهاره خلاف فبعدت إذ ذاك مراعاة المجاورة ونزل المقدر الممكن إظهاره منزلة الموجود فصار من جملة أخرى. انتهى.
وقد آن لنا أن نرجع إلى البيت الشاهد فنقول: هو من أبيات للحطيئة وقد
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»