مطلبا ولا يخدم به رئيسا إلا بأخرة وقد حط من أثقاله وألقى عصا ترحاله: ثم إني لا أقول إلا حقا إني لأعجب من نفسي في وقتي هذا كيف تطوع لي بمسألة أم كيف تطمح بي إلى انتزاع علة مع ما الحال عليه من علق الوقت وأشجانه وتذاؤبه وخلج أشطانه ولولا مساورة الفكر واكتداده لكنت عن هذا الشأن بمعزل وبأمر سواه على شغل.
ولله دره فكأنما رمى عن قوسي وتكلم عن نفسي. والله المشكور في كل حال وهو غني وقوله: فخير نحن عند البأس منكم قد تكلم الناس على إعرابه قديما وحديثا لا سيما أبو علي الفارسي فإنه تكلم عليه في أكثر كتبه. قال: في التذكرة القصيرة: سألت عن هذا البيت ابن الخياط والمعمري فلم يجيبا إلا بعد مدة قالا: لا يخلو من أن يكون نحن ارتفع بخبر أو بالابتداء ويكون خير الخبر أو يكون تأكيدا للضمير الذي في خير والمبتدأ محذوف أي: نحن خير لا جائز أن يرتفع بخير لأن خيرا لا يرفع المظهر البتة ولا مبتدأ للزوم الفصل بالأجنبي بين أفعل وبين من وهو غير جائز فثبت أن نحن تأكيد للضمير في خير.
وقد أجمل كلامه هنا وفصله في المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات. وبعد أن منع كون نحن مبتدأ وخير خبرا قال: عندي فيه قولان: أحدهما أن يكون قوله خير خبر مبتدأ محذوف تقديره: نحن خير عند البأس منكم فنحن على هذا في البيت ليس بمبتدأ لكنه تأكيد لما في خير من ضمير المبتدأ المحذوف وحسن هذا التأكيد لأنه حذف المبتدأ من اللفظ ولم يقع الفصل بشيء أجنبي بل بما هو منه