خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ١٥٤
على أن المنادى من قبيل الشبيه بالمضاف إذا كان موصوفا بجملة فإن جملة لا شاعر اليوم مثله من اسم لا وخبرها وهو مثله صفة للمنادى والوصف متقدم على النداء. وبه يسقط ما ذهب إليه سيبويه من أن الوصف بعد النداء وتكلف حتى جعل المنادى في مثله محذوفا وجعل شاعرا منصوبا بفعل محذوف.
قال الأعلم: الشاهد فيه على مذهب الخليل وسيبويه نصب شاعرا بإضمار فعل على معنى الاختصاص والتعجب والمنادى محذوف والمعنى: يا هؤلاء أو يا قوم عليكم شاعرا أو حسبكم به شاعرا.
وقال النحاس: كأنه قال: يا قائل الشعر عليك شاعرا وإنما امتنع عنده أن يكون منادى لأنه نكرة يدخل في كل شاعر بالحضرة وهو إنما قصد شاعرا بعينه وهو جرير وكان ينبغي أن يبنيه وقال أحمد بن يحيى: يا شاعرا نصب بالنداء وفيه معنى التعجب والعرب تنادي بالمدح والذم وتنصب بالنداء: فيقولون: يا رجلا لم أر مثله وكذا يا طيبك من ليلة وكذا يا شاعرا.
ومثله قول التبريزي أيضا عند قول الحماسي:) أيا طعنة ما شيخ كبير يفن بالي المنادى محذوف.
ويجوز أن يكون غيره فكأنه قال لمن بحضرته: يا هذا حسبك به شاعرا على المدح والتعجب منه ثم بين أنه جرير ويشبه هذا الإضمار بقولهم: نعم رجلا زيد. ويجوز أن يكون حسبك به على شريطة التفسير وبه في موضع اسم مرفوع لا بد منه. ويجوز أن تكون الهاء للشاعر الذي جرى ذكره ثم وكده بقوله جرير أي: هو جرير.
وتقدير الخليل ويونس يا قائل الشعر: على أن قائل الشعر غير الشاعر المذكور كأنه قال يا شعراء عليكم شاعرا لا شاعر اليوم مثله: أي حسبكم به شاعرا فهذا
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»