تعطير الأنام في تعبير المنام - الشيخ عبد الغني النابلسي - ج ٢ - الصفحة ٤١٤
بكلام الخير والبر وعن أصلها من الخير بكلام الرفث والشر وإن كانت الرؤيا تدل على فاحشة وقبيح سترت ذلك وواريت عنه بأحسن ما تقدر من اللفظ وأسررته إلى صاحبها وأصدق الرؤيا رؤيا ملك أو مملوك وقد يكون الانسان صدوقا في حديثه فتصدق رؤياه وقد يكون كذابا ويجب الكذب فتكذب عليه رؤياه أو يكون كذابا ويكره الكذب من غيره فتصدق رؤياه ولا يعجل المعبر بتفسير الرؤيا حتى يعرف وجهها ومخرجها ومقدارها ويسأل صاحبها عن نفسه وحاله وقومه وصناعته ومعيشته ولا يدع شيئا مما يستدل به على علم مسئلته إلا فعله فان لم يصح ذلك له فليجتهد فيها برأيه وقد نقل عن ابن سيرين رحمه الله تعالى أنه كان إذا وردت عليه مسألة رؤيا مكث فيها مليا من النهار يسأل صاحبها عن نفسه وحاله وصناعته وعن قومه ومعيشته ولا ينبغي لصاحب الرؤيا أن يقص رؤياه على حاسد لان يعقوب عليه السلام قال ليوسف عليه السلام - لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا - الآية ولا يقصها على جاهل ولا يقصها إلا سرا ولا يقصها على صبى ولا على امرأة والضمير في الرؤيا أقوى من النظر فإنه يؤخذ بالغالب في الضمير ويبنى عليه كمن رأى في منامه ضفدعا ويكون في ضميره أنه حية أو رأى حية ويكون في ضميره أنه ضفدع فإنه يؤخذ بالضمير ويترك النظر وتتغير رؤيا المؤمن والكافر والمستور والفاسق فان المستور إذا رأى في منامه أنه يأكل عسلا فان تأويله حلاوة القرآن والذكر في قلبه وهو للكافر حلاوة الدنيا وغنيمتها والرؤيا معلقة متوقفة على تأويلها فمتى أولت وقعت لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الرؤيا على جناح طائر فحيث قصت وقعت " وتعبير الرؤيا لا يكون إلا بعد معرفة الأصول مثل أن يعرف أن القمح والشعير والتبن والدقيق والعسل واللبن والصوف والحديد والملح والتراب ونحو ذلك أموال وأن الفرس والأسد والذئب والجبل والشجر والطير والوحش ونحو ذلك رجال وأن السرج والإكاف والسراويل وأناث الطير والبهائم ونحو ذلك نساء وأن النمارق والوسائد والأباريق والطسوت ونحو ذلك خدم وعبيد وقدر كل واحد منها على قدر كل صنف في صنفه وأن كل ابتداء يراه الانسان دون انتهاء فان الامر الذي هو طالبه لا يبلغ آخره وأن كل نزول من مركب فإنه نزول من حال كان عليه وقد ضمن الحسن بن الحسين الجلال رحمه الله تعالى كتابه المسمى بطبقات المعبرين ذكر أسماء سبعة آلاف وخمسمائة معبر ثم تخير منهم ستمائة رجل ونطق بأسمائهم في كتابه في تعبير الرؤيا وذكرهم يطول فوقع الاقتصار منهم على ذكر مائة رجل من مشاهيرهم الذين قصدوا وضربوا في العلم بسهم وأخذوا منه بقسم وهم على خمس عشرة طبقة.
فالطبقة الأولى: المعبرون من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه إبراهيم ويعقوب ويوسف
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 » »»
الفهرست