فذهن المؤمن وشعوره (ميال) بطبعه إلى ذكر الله تعالى، والارتباط المستمر به..
و (تداعيات) ذهنه تكون عادة إليه تعالى، لان الله تعالى هو (وجهة) حياته ومحور تفكيره، وشعوره وتوجهه النفسي فهو إذا تجددت عليه نعمة ذكر الله، وإذا نزلت به نازلة ذكر الله واسترجع، وإذا أقدم على فعل ذكر الله، وإذا أذنب ذكر الله واستغفر إليه، وإذا نظر إلى ابداع الخلق، وشئ من ملكوت السماوات والأرض ذكر الله، هكذا..
وهكذا فإن أغلب أحاسيسه وأفكاره (تدعوه) إلى ذكر الله تعالى، وهذا هو العيش الشعوري، والحياة الذهنية المؤمنة مع خالق الكون العظيم المتعال.. اما ان يكون الايمان بالله تعالى مجرد كلمة تتردد على الأفواه، وفهم لا يخرج عن دائرة الجزم والتصديق الساذج دون أن يشيع في العقل والشعور والتفكير.. فليس هذا من الايمان في شئ.. وغاية الامر انه خطوة نحو الايمان.. وأرضية من الممكن ان يبنى عليه الايمان، والذكر..
كان متمم بن نويرة يبكي أخاه مالكا.. يذكره ويبكيه عندما يرى نارا لأنه بذاك يذكر نار أخيه الموقدة إلى الصباح تنتظر الضيوف، ويبكيه، ويذكره كلما رأى قبرا، لقبر ثوى بين اللوى فالدكائك، ولامه صاحبه على ذلك على هذه التوسعة في معايشة ذكرى مالك على هذا البكاء عند كل قبر.. وكان جواب متمم أبياتا من الشعر يقف إلى الآن عندها الأديب، وعالم النفس والمؤمن الذي يبحث عن تجارب شعورية تشبه تجربة المؤمنين مع الله:
لقد لامني عند القبور على البكا * رفيقي لتذارف الدموع السوافكي فقال أتبكي كل قبر رأيته * لقبر ثوى بين اللوى والدكائك