الأسرة وقضايا الزواج - الدكتور علي القائمي - الصفحة ١٢٢
حدا يستحيل فيه التفاهم بينهما إلى شخص يتمتع بالمؤهلات المطلوبة وذلك لفض النزاع والوصول إلى الحل المنشود.
إن اشتداد النزاع لا بد وأن يعمي الطرفين عن رؤية الحق والحقيقة، واكتشاف الحل، فلكل منهما قناعاته وأحكامه المسبقة في ذلك وكل منهما وبسبب توتر أحاسيسه وتأزم مشاعره يعتبر الحق إلى جانبه وأنه الطرف المظلوم في القضية، ومن هنا تأتي فكرة التحكيم لتهيئ رؤية أكثر وضوحا للمسألة وتوفر كذلك الموضوعية في وضع الحلول المطلوبة لاصلاح ما فسد من الأمور وإعادة المياه إلى مجاريها.
إن على من يقوم بهذه المهمة أن يكون ممثلا حقيقيا للطرفين دون أدنى تحيز لأحدهما على حساب الآخر وأن يكون همهم الأول والأخير هو الإصلاح ووضع حد لكل أشكال الاستبداد في التعامل وأن يضع يده على أصل المشكلة، فقد يعامل الرجل زوجته كما لو كانت جارية لديه، أو تعامل المرأة زوجها كما لو كان خادما لديها.
إن المرأة والرجل يجب أن يسلما لأوامر القرآن في تسيير حياتهما المشتركة، وليس من حق أي منهما الاعتراض بعد ذلك على ما يصدر من رأي في حل خلافاتهما.
ولذا فإن فكرة التحكيم إنما تأتي من انسداد جميع الطرق الأخرى في حل النزاع، وهذه المسألة تعكس مدى اهتمام الإسلام بالأسرة ككيان اجتماعي ينبغي صيانته من خطر التفكك والانحلال.
المقومات:
وفيما يخص من يقع عليه مسؤولية التحكيم، وكما أشار إليه القرآن الكريم في انتخاب حكم من قبل الزوج يمثله في المفاوضات مع آخر يمثل الزوجة بغية بحث أسس النزاع والتوصل إلى نتيجة ترضي الطرفين.
ولذا فإن من مقومات ذلك الحكم أن يكون محيطا بالحوادث والمشاكل، وعلى بينة من الأسباب وبواعث نزاع الزوجين وخلافاتهما وله
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 127 129 ... » »»