اهتمامه وهدفه هو أن يركز مفهوم وحدانية الله سبحانه في نفوس بني إسرائيل، وكفهم عن عبادة الأوثان، وهذا الموضوع احتاج إلى وقت طويل ليفهمه ويعتقده هذا الشعب، فنحن نرى أن موسى (عليه السلام) عندما صار إلى ميقات ربه فتأخر، رجع بني إسرائيل إلى عبادة العجل الذهبي، فكانت عبادة الأوثان ما تزال مؤثرة في نفوسهم، ولهذا فمن يطالع العهد القديم يرى بوضوح أن وحدانية الله بارزة في أكثر تعاليمه بل هي أول الوصايا، كما ذكر في (تث: 6 - 4) (اسمع يا إسرائيل أن الرب إلهنا رب واحد).
ولذا فنحن لا نعثر في العهد القديم على أي إشارة إلى هذا الثالوث، نعم استعملت في العهد القديم كلمة (الأب) وأرادوا به الله سبحانه، فهو أب الأبرار والصالحين ولكن كان يفهم منها المعنى المجازي لا الحقيقي، وكذلك كلمة الابن هي الأخرى استعملت في العهد القديم وأيضا كان يفهم المعنى المجازي لا البنوة الحقيقية، والروح القدس هو الآخر مذكور كثيرا، ولكن له معاني كثيرة مختلفة، إذ كان يقصد منه مثلا، نفخة الحياة، النفس، الريح، وغيرها... وكأن الله سبحانه (والقول للمسيحيين) كان يهئ البشرية للخطة النهائية التي سيكشف فيها عن نفسه بأنه (أب، وابن، وروح القدس) في العهد الجديد (1).