يعرف ذاته ولا يعرف القوى المعادية له، أو بمعنى آخر. يجب أن نعترف بأن هؤلاء يبدوا وكأنهم لا يريدون أن يعرفوا ذاتهم أو كأنهم لا يقدرون على محاولة المعرفة، وأنهم لا يعرفوا عدوهم معرفة حقيقية أو لعلهم لم يحاولوا أن يعرفوا، وفي جميع الحالات يجب أن نعترف بأننا لا نعرف أنفسنا ولا نعرف عدونا.
ويجب أن نعترف بأن الفطرة يحيط بها الظلم من كل مكان، وأين الوسائل المحيطة بها يمسك بزمامها الجبان، وكلمة الجبان لا تعني الرجل الخائف الرعديد فقط، وإنما تعني ذلك الرجل الذي إذا تمكن من عدوه كان أكثر جبنا، بمعنى أنه لا يعرف في التعامل معه معنى من معاني النبالة أو الكرم أو الشهامة، إنما يستعمل معه أدنأ الوسائل وأدناها إلى الحطة، والفطرة الإنسانية تحيط بها أكثر الناس جبنا، بمعنى أكثر الناس ميلا للانتقام..
وإذا كان البحث العلمي قد قدم للمسيرة البشرية مجهودات عظيمة، من عصر الطاقة اليدوية إلى عصر الفحم. إلى عصر البخار..
إلى عصر البترول. إلى عصر الكهرباء، ومن عصر الذرة إلى عصر الإلكترونيات. إلى عصر الكومبيوتر إلى عصر الفضاء إلى عصر الهندسة الوراثية، فيجب أن نعترف أن الأعظم من هذا المجهود الضخم استعمل في كل عصر من أجل خدمة مخططات الأهواء وأهداف المادية، وعن طريقة استطاع أصحابه أن يتغلغلوا داخل النفس لإغوائها لتكون عضوا على طريق أهدافهم.
إن العلوم المفيدة تكون في متناول الإنسان عندما تصلح أخلاقه، أما إذا وقف الجبان على أبواب المجهودات العلمية، فسيكون للظلم والجور وللفساد أعلاما متعددة الألوان والأشكال، وفي عصرنا نرى المخطط اليهودي والوثني تحميه الترسنات النووية والكيمائية