والمسيرة قد اجتهدت تحت سقف الامتحان والابتلاء، ولكن أحاديث الإخبار بالغيب، وحركة التاريخ، تثبت أن بعض هذه الاجتهادات انتهت في نهاية المطاف إلى دائرة لا تحقق الأمان بصورة من الصور، قد تكون بيوت المال قد امتلأت بالذهب والفضة عند المقدمة، ولكن عند النتيجة نرى أن تفضيل هذا عن ذاك في القسمة، أدى إلى الصراع القبلي بين ربيعة ومضر، وبين الأوس وبين الخزرج (1) وأشعل الصراع العنصري بين العرب والعجم. والصريح والموالي (2) كما أدى الاجتهاد في الخمس إلى اختلاف الأمة في من هم عشيرة النبي الأقربين؟ ومن هم أهل بيته وعترته؟، وأدى الاجتهاد في الأربعة أخماس الخاصة بالجنود، إلى احتواء الأمراء في الأمصار على معظم هذه الأموال، وكان لهذا أثرا سيئا على امتداد المسيرة، وأدى الاجتهاد في سهم المؤلفة، إلى استواء ضعيف الإيمان مع قوى الإيمان، وأدى إلى تهييج النفوس على الانتقام بأي وسيلة، لأن الصدقة من خصائصها أنها تنشر الرحمة وتورث المحبة. وتألف القلوب. وتبسط الأمن، فإذا أمسكت، وكان تحت سقف الأمة منافقين، منهم اثني عشر رجلا أخبر النبي (ص) أنهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ولن يدخلوا الجنة حتى يلج الجمل سم الخياط. كان إمساكها سببا في فتح طرق الفساد.
رابعا - [من معالم المسيرة] في عهد النبي (ص)، كانت الأحكام والفرائض والحدود وسائر السياسات الإسلامية قائمة ومقامة، ثم لم تزل بعد ارتحاله (ص) تنقص وتسقط حكما فحكما يوما فيوما بيد الحكومات الإسلامية، وعلى امتداد