روايته للحديث: ليعلم طالب العلم، أن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي، وأن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم، ولم يسعني فيما بيني وبين الله تعالى. أن أخلي الكتاب من ذكرهم (1).
والخلاصة: كان لسياسة اللارواية والتدوين آثار جانبية، منها: اكتفاء الناس بتلاوة القرآن دون الوقوف على معانيه وأهدافه، وأدى ذلك إلى ظهور الذين يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وفي عهد الإمام علي ظهرت حقيقتهم أمام الناس، وحاربهم الإمام في موقعة النهروان، وما زالت بقيتهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء لأن منهجهم وثقافتهم لن تموت حتى يخرج الدجال، ومنها: ظهور الذين لعنهم الله على لسان نبيه بعد أن ضاع التحذير منهم في عالم اللارواية، ومنها التعتيم على الهداة. واقتصر ذكرهم في المجالس الخاصة، ومنها ظهور القص وعلى مائدته صنعت مناقب وتواريخ لقوافل لا تحمل من العلم إلا قشوره، وعلى القص ظهرت ثقافات التحمت مع ثقافة أهل الكتاب، وتشهد بذلك عقيدة الجبرية يقول الشيخ محمد أبو زهرة: أول من دعا إلى هذه النحلة من المسلمين " الجعد بن درهم "، وقد تلقى ذلك عن يهودي بالشام، لأن اليهود أول من فعل ذلك وعلموه بعض المسلمين وهؤلاء أخذوا ينشرونه (2)، ولقد استغل بنو أمية هذه العقيدة في إخضاع المسلمين، بحجة أن قيادتهم مفروضة عليهم بقضاء الله وقدره، وأن أي تمرد عليهم هو تمرد على قضاء الله، ولقد قامت هذه العقيدة على أحاديث وضعها القصاص، كان الهدف من ورائها تزييف النشاط الإنساني منذ بدء الخلق إلى قيام الساعة والتطوع بالوحي كله، وتحت أعلام عقيدة الجبر انطلقت جحافل بني أمية إلى ديار المسلمين،