لشعب آخر من أبناء إبراهيم، ومعالم الجفاف أن النبي يحيى ولد لأب اشتعل رأسه شيبا ولأم عاقر، أما المسيح عليه السلام فولد لعذراء لم يمسسها بشر، لقد جاء يحيى من طريق أبوين الذرية لهما أمر غير معهود. ليكون مصدقا بعيسى عليه السلام الذي جاء من جهة كلمة الايجاد (كن)، وذلك لأن سائر الأفراد من الإنسان يجري ولادتهم على مجرى الأسباب العادية المألوفة، ولكن ولادة المسيح عليه السلام لم تجر هذا المجرى. لأنه فقد بعض الأسباب العادية. لهذا كان وجوده بمجرد كلمة التكوين (كن) ولم يتخلل هذا الوجود الأسباب العادية.
لهذا كان الباب الذي دخل منه آخر أنبياء بني إسرائيل، باب يدعو المسيرة إلى التدبر والإيمان. وليحذروا المخالفة لأنها ستنتج على آخر الطريق فتنة، ومعنى أن يغلقوا على أنفسهم باب الفتنة. أن قيادة المسيرة البشرية لن تكون من داخل الأبواب المغلقة، إنما ستنتقل إلى مكان أوسع وأرحب، والله تعالى يورث الأرض لمن يشاء من عباده.
في نهاية المسيرة جاءت دعوة زكريا عليه السلام، وكان متزوجا من اليصابات من بنات هارون (1) ويقول إنجيل لوقا فيهما إنهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه " (2). وقال " لم يكن لهما ولد. إذ كانت اليصابات عاقرا وكلاهما قد تقدم في السن كثيرا " (3). وذكر لوقا: بينما كان زكريا يؤدي خدمته الكهنوتية أمام الله سأله الولد. فظهر له ملاك وقال له: لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت. وزوجتك ستلد لك ابنا تسميه يوحنا. وسوف يكون عظيما أمام الرب، والقرآن الكريم ذكر هذه المعجزة في قوله تعالى: * (قال رب إني