آدم الأول، فقد كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة، لم تنجسني الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسني من مدلهمات ثيابها، فقد كنت مباركا أينما كنت وحيثما كنت، لم أر صلب زان ولا رحم زانية، أو صلب مشرك جهول ورحم مشركة.
وجميع الأنبياء والرسل خرجوا من شجرة واحدة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ولقد اصطفى الله الأنبياء وآلهم على العالمين كما في قوله تعالى: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * (1) اصطفى سبحانه آدم عليه السلام لأنه أول خليفة له في الأرض، واصطفى نوح عليه السلام لأنه أول الخمسة أولي العزم من الرسل، وهو أيضا الأب الثاني للنوع الإنساني بعد الطوفان، لقوله تعالى: * (وجعلنا ذريته هم الباقين) * (2) واصطفى سبحانه آل إبراهيم. وهم إسحاق وإسرائيل والأنبياء من بني إسرائيل عليهم السلام. وإسماعيل والطاهر من ذريته وسيدهم محمد (ص)، وقد جاء ذكره في دعاء إبراهيم وإسماعيل عند رفعهما قواعد بيت الله الحرام بمكة. * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) * (إلى قوله تعالى) * (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم) * (3) واصطفى الله آل عمران. وآل عمران من ذرية إبراهيم عليه السلام، ولكن الله أفردهم في آية الاصطفاء ليكون في هذا إشارة بأن الله تعالى قدمهم على الناس في أمر أو أمور لا يشاركهم فيه أو فيها غيرهم.
وآية الاصطفاء في خطوطها العريضة إعلان للبشر بأن هؤلاء