ويهبط المستشيط غضبا إلى الدركة الأولى، يمتهنه كل الشياطين وسائر الملعونين، الذين هم أسفل منه مكانا، فيرفسونه ويضربونه ويضجعونه على الطريق التي يمرون عليها، واضعين أقدامهم على عنقه، ومع هذا فهو غير قادر على المدافعة عن نفسه، لأن يديه ورجليه مربوطة، وأنكى من ذلك أنه غير قادر على إظهار غيظه بإهانة الآخرين، لأن لسانه مربوط بشص شبيه بما يستعمله بائع اللحوم، ففي هذا المكان الملعون يكون عقاب عام يشمل كل الدركات كمزيج من حبوب عديدة يصنع منه رغيف، لأنه ستتحد بعدل الله النار والجمد والصواعق والبرق والكبريت والحرارة والبرد والريح والجنون والهلع، على طريقة لا يخفف فيها البرد الحرارة، ولا النار الجليد، بل يعذب كل منها الخاطئ التعيس تعذيبا! ففي هذه البقعة الملعونة يقيم الكافرون إلى الأبد، حتى ولو فرض أن العالم ملئ حبوبا ودخنا، وكان طير واحد يحمل حبة واحدة منها كل مائة سنة إلى انقضاء العالم، لسر الكافرون، لو كان يتاح لهم بعد انقضائه الذهاب إلى الجنة، ولكن ليس لهم هذا الأمل، إذ ليس لعذابهم من نهاية، لأنهم لم يريدوا أن يضعوا حدا لخطيئتهم حبا في الله، أما المؤمنون فسيكون لهم تعزية، لأن لعذابهم نهاية!
فذعر التلاميذ لما سمعوا هذا وقالوا: " أيذهب إذا المؤمنون إلى الجحيم؟ "، أجاب يسوع: " يتحتم على كل أحد أيا كان أن يذهب إلى الجحيم، بيد أن ما لا مشاحة فيه أن الأطهار وأنبياء الله، إنما يذهبون إلى هناك ليشاهدوا لا ليكابدوا عقابا، أما الأبرار فإنهم لا يكابدون إلا الخوف (1)... " (ج) وجاء في الفصل التاسع والخمسين من إنجيل برنابا عن دركات الجحيم:
" يا تلاميذي إن الجحيم واحدة، وفيها يعذب الملعونون إلى الأبد، إلا أن لها سبع طبقات أو دركات، الواحدة منها أعمق من الأخرى، ومن يذهب إلى أبعدها عمقا، يناله عقاب أشد، ومع ذلك فإن كلامي صادق في سيف الملاك ميخائيل، لأن من لا يرتكب إلا خطيئة واحدة، يستحق جحيما، ومن