صوت الحق ودعوة الصدق - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٨٢
ولكن انكلترا بالتعاون مع عملائها، خصوصا دعاة الطائفية الوهابية الذين غذتهم، وأيدتهم، قد نجحت في القضاء على فكرة الخلافة والإمامة في الجزيرة العربية التي من لوازمها إقامة الوحدة العربية والإسلامية بتمامية الانقلاب الوهابي الانفصالي، وإقامة الحكوم المتسمية بالسعودية (1).
وفي هذه الأجواء المحمومة التي فجرها مصطفى كمال ضد الإسلام والمسلمين وبينما كان يعمل لواء العصبية الطورانية في تركيا، وتثيرها في عروق الأتراك ضد العرب، ويقضي بالموت البطئ على نفوذ الخلافة العثمانية في نفس هذا الوقت، حمل الوهابيون في نجد والحجاز لواء العصبية المذهبية ضد المسلمين باستحلالهم دماءهم، وتوجيه بأسهم، وسطوتهم، وأفواه بنادقهم كلها إلى قتالهم خاصة، وغزوهم كلما سنحت لهم فرصة، وقتلهم بأنواع الغدر والبغي (2).
وقد كشفت الأحداث، وأثبتت الوقائع أنهم كانوا يقومون بكل هذه الفظائع بتأييد من بريطانيا العظمى آنذاك، عدوة المسلمين الأولى، وأداة الصهيونية

(1) في هذه التسمية أيضا رمز انفصالي يعرفه الخبراء بالسياسة فالرسول الأعظم ومؤسس الحكومة الإسلامية وزعيمها الأول لم يسم تلك الحكومة باسم الشريف أو باسم العرب، مع أن الإنسانية بجميع مبادئها الفاضلة ومفاخرها تفتخر باسمه الرفيع وهذه الأسامي تؤكد انفصال مسمياتها من البلاد عن غيرها، وترمز إلى الاحتفاظ بحكومات ما قامت إلا على الغلبة والاستيثار واستعباد الناس، وتمنح بعنوانها واسمها عن اتحادها مع غيرها.
فالحكومة الهاشمية مع بقائها بهذه الشخصية لا يمكن أن تتحد مع السعودية، وهي مع جمهورية كذا، وحكومة اشتراكية كذا فما الإسلام وما حكومة الإسلام إذن أيها المسلمون، ويا أبناء السنة؟
(2) راجع تاريخ نجد لمحمود شكري الآلوسي، وخلاصته الكلام في أمراء البلد الحرام، للشيخ أحمد بن زيني وحلان، وراجع كذلك كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»