صوت الحق ودعوة الصدق - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٤٢
وحشركم الله معهم، وفرق بينكم، وبين أهل بيت الرسالة والنبوة بحبكم لأعدائهم والمرء مع من أحب.
نعم أنتم لا تفهمون كل ذلك، ولا اعتداد بكم بعدما أدرك ذلك كثيرون من علماء أهل السنة، ودافعوا عن الإسلام، ومناهجه، وتعاليمه ووقفوا في وجه هذه الحكومات حتى لا يزعم جاهل أن الإسلام أتى بها، وأن مناهجها كانت إسلامية، وأن أنظمته كانت مما يقره الإسلام، وأوضحوا وإن كان الأمر في نفسه، في كمال الوضوح أن هذه الحكومات لم تكن سائرة على جادة الحق، ولا على مناهج الإسلام في السياسة، والحكومة، والتعليم والتربية.
ولعمر الحق أن هذا واجب على كل من يدافع عن الإسلام، ومناهجه العادلة الراشدة.
وأيضا لما رأيتم أيها النصاب، ومصوبي أعمال معاوية، ويزيد، ومسلم ابن عقبة، والحجاج، وغيرهم من الجبابرة أنه لا يمكن الدفاع على ضوء العلم والمنطق عن هؤلاء وأمثالهم، وعما صدر عن أسلافكم من الجرائم، والجنايات وسفك الدماء بغير حق، تشبثتم تارة بحديث رويتموه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
لا تمس النار مسلما رآني أو رأى من رآني (1).
-

(١) إن لم يكن هذا الحديث، وأمثاله مما دسته السياسات الحاكمة على الحديث، والتفسير والفقه والدين في الأحاديث الشريفة ما مغزاه؟ أترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي قال الله في حقة: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أراد من هذا الكلام إن صح صدوره منه ما يريد إحسان إلهي ظهير، وغيره من تبرئة الظلمة المستعبدين لعباد الله الذين خالف أعمالهم، وحكوماتهم روح الدين الإسلامي، ودعوته، ورسالته؟.
أترى أنه أراد بذلك نجاة الأبرار، والفجار جميعا، ونجاة القاتل والمقتول، والقاهر، والمقهور وكسعد بن عبادة، وقاتله، وكمالك بن نويرة، وخالد بن الوليد، وعثمان، وقتلته، ومن شجع الناس على الثورة عليه وطلحة، وقاتله مروان، والزبير، وقاتله عمرو بن جرموز، والإمام علي عليه السلام، وقاتله أشقى الآخرين ابن ملجم والإمام ومن كان معه، وقتل بين يديه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وشهداء مرج عذراء، ومعاوية وأصحابه، وزياد، والمغيرة بن شعبة، وسمرة بن جندب، وبسر بن أرطاة، والإمام الحسين السبط سيد أهل الإبا وسيد شباب أهل الجنة، ويزيد وعامله ابن زياد ومسلم بن عقبة وشمر وسنان بن أنس، والحجاج وجميع من رأى النبي صلى الله عليه وآله أو رأى من رآه من الصلحاء السعداء، ومن الفجار الأشقياء الذين يعدهم إحسان إلهي ظهير من المسلمين، ولا يقبل نفاق واحد منهم ولا ارتداد فكلهم أهل النجاة، واختصهم الله تعالى بذلك دون سائر الناس.
مع أنه إذا كان الأمر كذلك فغير من ذكرناه في هذه الأسماء من الظلمة الخونة أولى بأن لا تمسه النار لأن مظالم غيرهم لا تقايس بمظالم الذين يشملهم الحديث بزعمه، وإذا لبطل الثواب، والعقاب، والتكليف والأمر والنهي، ويلزم تعطيل الشريعة بالنسبة إليهم.
فهل هذا مراد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الكلام؟ وهذا مفتراه.
حاشا رسول الله، وهو الذي لا ينطق إلا بالحق إن يريد مثل ذلك وحاشا الشريعة الإسلامية أن يكون هذا منهاجها القويم. إننا لم نسمع بمثل هذا في أمة من الأمم، وشريعة من الشرائع.
فهل توافق من يقول: إن الأمة بحاجة ملحة إلى تنقيح كتب الأحاديث. حتى المسانيد والصحاح الست بل والتفاسير والتواريخ، والتراجم وتخليصهما من الإسرائيليات، ومما يأباه العقل وما لا يمكن أن يكون الناطق به النبي الحكيم الذي علمه الله ما لم يكن يعلم، وكان فضله عليه عظيما.
فيجب أن يغسل عنها ما دسته السياسة فيها بل يترك منها كل ما يشم منه رائحة السياسة، والنزعات التي ليست من الإسلام وسواء توافق أم لا توافق فقد بدأت هذه الحركة العلمية حيث نرى أن بعض المجلات العلمية العربية من أهل السنة تشرع في البحث حول أحاديث الصحيحين، وحتى بعض المثقفين المتضلعين في علم التراجم شرع في تنقيح تراجم الصحابة على ضوء علمي دقيق.
فراجع في ذلك (شيخ المضيرة) و (أضواء على السنة المحمدية) وأبو هريرة وأحاديث عايشة أم المؤمنين و (خمسون صحابي مختلق).
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 44 45 46 47 48 ... » »»