المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٧٠
السابع: ذكر الإنسان بقلبه ما أمره الله به واستحضاره لذلك بحيث لا يكون غافلا عنه أكمل ممن صدق به وغفل عنه؛ فإن الغفلة تضاد كمال العلم والتصديق والذكر، والاستحضار يكمل العلم واليقين...
الثامن: أن الإنسان قد يكون مكذبا ومنكرا لأمور لا يعلم أن الرسول أخبر بها وأمر بها، ولو علم ذلك لم يكذب ولم ينكر؛ بل قلبه جازم بأنه لا يخبر إلا بصدق ولا يأمر إلا بحق، ثم يسمع الآية أو الحديث، أو يتدبر ذلك، أو يفسر له معناه، أو يظهر له ذلك بوجه من الوجوه؛ فيصدق بما كان مكذبا به، ويعرف ما كان منكرا، وهذا تصديق جديد وإيمان جديد ازداد به إيمانه، ولم يكن قبل ذلك كافرا؛ بل جاهلا، وهذا وإن أشبه المجمل والمفصل لكون قلبه سليما عن تكذيب وتصديق لشيء من التفاصيل وعن معرفة وإنكار لشيء من ذلك، فيأتيه التفصيل بعد الإجمال على قلب ساذج، وأما كثير من الناس، بل من أهل العلوم والعبادات؛ فيقوم بقلوبهم من التفصيل أمور كثيرة تخالف ما جاء به الرسول وهم لا يعرفون أنها تخالف؛ فإذا عرفوا رجعوا، وكل من ابتدع في الدين قولا أخطأ فيه أو عمل عملا أخطأ فيه وهو مؤمن بالرسول، أو عرف ما قاله وآمن به لم يعدل عنه؛ هو من هذا الباب، وكل مبتدع قصده متابعة الرسول؛ فهو من هذا الباب، فمن علم ما جاء به الرسول وعمل به أكمل ممن أخطأ ذلك، ومن علم الصواب بعد الخطأ وعمل به؛ فهو أكمل ممن لم يكن كذلك) (1)

(1) «مجموع الفتاوى» (7 / 332 - 337).
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»