المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٦٦
الفرق بين القصر والجمع في الصلاة (سئل عن الجمع، وما كان النبي (ص) يفعله؟
فأجاب: وأما الجمع؛ فإنما كان يجمع بعض الأوقات إذا جد به السير وكان له عذر شرعي، كما جمع بعرفة ومزدلفة، وكان يجمع في غزوة تبوك أحيانا، كان إذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر إلى العصر ثم صلاهما جميعا، وهذا ثابت في «الصحيح».
وأما إذا ارتحل بعد الزوال؛ فقد روي أنه كان صلى الظهر والعصر جميعا كما جمع بينهما بعرفة، وهذا معروف في السنن، وهذا إذا كان لا ينزل إلى وقت المغرب، كما كان بعرفة لا يفيض حتى تغرب الشمس، وأما إذا كان ينزل وقت العصر؛ فإنه يصليها في وقتها؛ فليس القصر كالجمع، بل القصر سنة راتبة، وأما الجمع؛ فإنه رخصة عارضة، ومن سوى من العامة بين الجمع والقصر؛ فهو جاهل بسنة رسول الله (ص) وبأقوال علماء المسلمين.
فإن سنة رسول الله (ص) فرقت بينهما، والعلماء اتفقوا على أن أحدهما سنة، واختلفوا في وجوبه، وتنازعوا في جواز الآخر؛ فأين هذا من هذا؟!
وأوسع المذاهب في الجمع بين الصلاتين مذهب الإمام أحمد؛ فإنه نص على أنه يجوز الجمع للحرج والشغل بحديث روي في ذلك، قال القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابنا: يعني إذا كان هناك شغل يبيح له ترك الجمعة والجماعة جاز له الجمع، ويجوز عنده وعند مالك وطائفة من أصحاب الشافعي الجمع للمرض، ويجوز عند الثلاثة الجمع للمطر بين المغرب والعشاء، وفي صلاتي النهار نزاع بينهم، ويجوز في ظاهر مذهب أحمد ومالك الجمع للوحل والريح الشديدة الباردة ونحو ذلك.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»