المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٠٧
منكر، وعن الجهاد في سبيل الله إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه، أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى، بل من جهة التكليف ونحو ذلك.
وهذا الورع قد يوقع صاحبه في البدع الكبار؛ فإن ورع الخوارج والروافض والمعتزلة ونحوهم من هذا الجنس، تورعوا عن الظلم وعن ما اعتقدوه ظلما من مخالطة الظلمة في زعمهم، حتى تركوا الواجبات الكبار من الجمعة والجماعة والحج والجهاد ونصيحة المسلمين والرحمة لهم، وأهل هذا الورع ممن أنكر عليهم الأئمة، كالأئمة الأربعة، وصار حالهم يذكر في اعتقاد أهل السنة والجماعة.
الجهة الثانية من الاعتقاد الفاسد أنه إذا فعل الواجب والمشتبه وترك المحرم والمشتبه؛ فينبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم بأدلة الكتاب والسنة وبالعلم لا بالهوى، وإلا؛ فكثير من الناس تنفر نفسه عن أشياء لعادة ونحوها، فيكون ذلك مما يقوي تحريمها واشتباهها عنده، ويكون بعضهم في أوهام وظنون كاذبة، فتكون تلك الظنون مبناها على الورع الفاسد، فيكون صاحبه ممن قال الله تعالى فيه: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} (1)، وهذه حال أهل الوسوسة في النجاسات؛ فإنهم من أهل الورع الفاسد المركب من نوع دين وضعف عقل وعلم) (2) * * *

(١) النجم: ٢٣.
(2) «مجموع الفتاوى» (20 / 137 - 140).
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»