المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٣٠٦
الحمى يوشك أن يواقعه» (1)، وهذا في «الصحيحين»، وفي «السنن» قوله: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (2)، وقوله: «البر ما اطمأنت إليه النفس وسكن إليه القلب» (3)، وقوله في «صحيح مسلم» في رواية: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وإن أفتاك الناس» (4)، وأنه رأى على فراشه تمرة فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها» (5).
... لكن يقع الغلط في الورع من ثلاث جهات:
أحدها: اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك؛ فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام لا في أداء الواجب، وهذا يبتلى به كثير من المتدينة المتورعة، ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة وعن الدرهم فيه شبهة لكونه من مال ظالم أو معاملة فاسدة، ويتورع عن الركون إلى الظلمة من أجل البدع في الدين وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أمورا واجبة عليه إما عينا وإما كفاية وقد تعينت عليه؛ من صلة رحم، وحق جار ومسكين وصاحب ويتيم وابن سبيل، وحق مسلم وذي سلطان وذي علم، وعن أمر بمعروف ونهي عن

(1) رواه البخاري في (الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، 52)، ومسلم في (المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، 1599) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
(2) [صحيح]. رواه النسائي في (الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات، 5711)، والترمذي في (صفة القيامة، باب منه، 2518)؛ من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما. ورواه أحمد في «المسند» (3 / 153) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وانظر: «الإرواء» (12، 2074).
(3) [حسن]. رواه أحمد في «المسند» (4 / 227، 228)، والدارمي (2 / 245)، وأبو يعلى (1586)؛ من حديث وابصة رضي الله عنه. وأورده النووي في «الأربعين حديثا» وحسنه.
(4) رواه مسلم في (البر والصلة، باب تفسير البر والإثم، 2553) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه بلفظ: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس»، وأما لفظه: «وإن أفتاك الناس»؛ فهي جزء من الحديث السابق.
(5) رواه بنحوه البخاري في (البيوع، باب ما يتنزه من الشبهات، 2055)، ومسلم في (الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى آله، 1017) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»