ليس كل مركب ولباس وطعام لم يكن موجودا في عهد النبي (ص) لا يحل (إن ما خلقه الله في سائر الأرض من القوت واللباس والمراكب والمساكن لم يكن كل نوع منه كان موجودا في الحجاز؛ فلم يأكل النبي (ص) من كل نوع من أنواع الطعام القوت والفاكهة، ولا لبس من كل نوع من أنواع اللباس، ثم إن من كان من المسلمين بأرض أخرى؛ كالشام، ومصر، والعراق، واليمن، وخراسان، وأرمينية، وأذربيجان، والمغرب، وغير ذلك عندهم أطعمة وثياب موجودة عندهم أو مجلوبة من مكان آخر، فليس لهم أن يظنوا ترك الانتفاع بذلك الطعام واللباس سنة لكون النبي (ص) لم يأكل مثله ولم يلبس مثله...؛ فإن الله يقول: {وقدر فيها أقواتها} (1)، وقال تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} (2)، وقال تعالى: {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه} (3)، وقال تعالى: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} (4)، ولم تكن البغال موجودة بأرض العرب، ولم يركب النبي (ص) بغلة إلا البغلة التي أهداها له المقوقس من أرض مصر بعد صلح الحديبية، وهذه الآية نزلت بمكة، ومثلها في القرآن يمتن الله على عباده بنعمه التي لم تكن بأرض الحجاز؛ كقوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا. ثم شققنا الأرض شقا. فأنبتنا فيها حبا. وعنبا وقضبا. وزيتونا ونخلا. وحدائق غلبا. وفاكهة وأبا} (5)،
(٢٧٨)