المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٩١
أنواع الاختلاف (... أما أنواعه: فهو في الأصل قسمان:
اختلاف تنوع، واختلاف تضاد.
واختلاف التنوع على وجوه:
منه: ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقا مشروعا، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة حتى زجرهم عن الاختلاف رسول الله (ص)، وقال: «كلاكما محسن» (1)، ومثله اختلاف الأنواع في صفة الأذان، والإقامة، والاستفتاح، والتشهدات، وصلاة الخوف، وتكبيرات العيد، وتكبيرات الجنازة... إلى غير ذلك مما قد شرع جميعه، وإن كان قد يقال: إن بعض أنواعه أفضل.
ثم نجد لكثير من الأمة في ذلك من الاختلاف ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيتارها ونحو ذلك، وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ هذا المبلغ؛ فتجد كثيرا منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه - ما دخل به فيما نهى عنه النبي (ص) -.
ومنه: ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر؛ لكن العبارتان مختلفتان، كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود وصيغ الأدلة والتعبير عن المسميات وتقسيم الأحكام وغير ذلك، ثم الجهل أو الظلم يحمل على حمد إحدى المقالتين وذم الأخرى.

(1) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، 3476) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»