المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٨٩
الفرق بين الباغي أو الظالم المتأول وغير المتأول (وكل من كان باغيا، أو ظالما، أو معتديا، أو مرتكبا ما هو ذنب؛ فهو «قسمان»: متأول، وغير متأول؛ فالمتأول المجتهد: كأهل العلم والدين، والذين اجتهدوا، واعتقد بعضهم حل أمور واعتقد الآخر تحريمها، كما استحل بعضهم بعض أنواع الأشربة وبعضهم بعض المعاملات الربوية، وبعضهم بعض عقود التحليل والمتعة، وأمثال ذلك؛ فقد جرى ذلك وأمثاله من خيار السلف؛ فهؤلاء المتأولون المجتهدون غايتهم أنهم مخطئون، وقد قال الله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وقد ثبت في «الصحيح» أن الله استجاب هذا الدعاء (1).
وقد أخبر سبحانه عن داود وسليمان عليهما السلام أنهما حكما في الحرث وخص أحدهما بالعلم والحكم مع ثنائه على كل منهما بالعلم والحكم، والعلماء ورثة الأنبياء، فإذا فهم أحدهم من المسألة ما لم يفهمه الآخر لم يكن بذلك ملوما ولا مانعا لما عرف من علمه ودينه، وإن كان ذلك مع العلم بالحكم يكون إثما وظلما، والإصرار عليه فسقا، بل متى علم تحريمه ضرورة كان تحليله كفرا؛ فالبغي هو من هذا الباب) (2) * * *

(1) تقدم قريبا.
(2) «مجموع الفتاوى» (35 / 75).
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»