المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٣٢
الحكم بغير ما أنزل الله من أعظم أسباب تغيير الدول (و «ولي الأمر» إن عرف ما جاء به الكتاب والسنة حكم بين الناس به، وإن لم يعرفه وأمكنه أن يعلم ما يقول هذا وما يقول هذا حتى يعرف الحق حكم به، وإن لم يمكنه لا هذا ولا هذا ترك المسلمين على ما هم عليه كل يعبد الله على حسب اجتهاده، وليس له أن يلزم أحدا بقبول قول غيره وإن كان حاكما.
وإذا خرج ولاة الأمور عن هذا؛ فقد حكموا بغير ما أنزل الله، ووقع بأسهم بينهم؛ قال النبي (ص): «ما حكم قوم بغير ما أنزل الله؛ إلا وقع بأسهم بينهم» (1)، وهذا من أعظم أسباب تغيير الدول كما قد جرى مثل هذا مرة بعد مرة في زماننا وغير زماننا، ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره؛ فيسلك مسلك من أيده الله ونصره، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه؛ فإن الله يقول في كتابه: {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} (2)؛ فقد وعد الله بنصر من ينصره، ونصره هو نصر كتابه ودينه ورسوله لا نصر من يحكم بغير ما أنزل الله ويتكلم بما لا يعلم؛ فإن الحاكم إذا كان دينا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار، وإن كان عالما لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل

(١) [حسن]. رواه ابن ماجة في (الفتن، باب العقوبات، ٤٠٠٩) بلفظ: «وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم»). ورواه أبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٣٣٣). وفي سندهما ابن أبي مالك خالد بن يزيد، وهو ضعيف. ورواه الحاكم في «المستدرك» (٤ / ٥٤٠) بإسناد حسن. انظر: «السلسلة الصحيحة» (رقم ١٠٦).
(٢) الحج: ٣٩ - 40.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»