المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ١٠٩
شيخ الإسلام يصف أهل زمانه وقت ظهور التتار (... أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما؛ فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحق الناس دخولا في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي (ص) بقوله في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة» (1)، وفي رواية لمسلم: «لا يزال أهل الغرب» (2).
والنبي (ص) تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية؛ فغر به ما يغرب عنها، وشرقه ما يشرق عنها، فإن التشريق والتغريب من الأمور النسبية؛ إذ كل بلد له شرق وغرب، ولهذا إذا قدم الرجل إلى الإسكندرية من الغرب يقولون: سافر إلى الشرق، وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل الغرب ويسمون نجد والعراق أهل الشرق...
... ومن يتدبر أحوال العالم في هذا الوقت يعلم أن هذه الطائفة هي أقوم الطوائف بدين الإسلام: علما، وعملا، وجهادا من شرق الأرض وغربها؛ فإنهم هم الذين يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين وأهل الكتاب ومغازيهم مع النصارى ومع المشركين من الترك ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة وغيرهم؛ كالإسماعيلية ونحوهم من القرامطة معروفة معلومة قديما وحديثا، والعز الذي للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم...

(1) رواه البخاري في (الاعتصام بالسنة، باب قول النبي (ص): «لا تزال طائفة»، رقم 7311)، ومسلم في (الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد (، رقم 156)؛ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(2) في (كتاب الإمارة، باب قوله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق»، رقم 1925) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»