هذا ملخص السؤال وكان الجواب من علماء المدينة بالمنع مطلقا ووجوب الهدم، مستدلين على المنع في بعضها، ومرسلين الفتوى بغير دليل في الباقي.
وقد رغب إلينا الكثير من الأعلام والأفاضل في إبداء ملاحظتنا على تلك الفتوى، ووضعها في معيار الاختبار وميزان الصحة والسقم، وعرضها على محك النقد، ومطرقة القبول أو الرد، إيضاحا للحقيقة وطلبا للصواب، كي لا تعرض الأوهام والشكوك وتعلق الشبهة بأذهان البسطاء من المسلمين، فإن البلية عامة، والمصيبة شاملة، والرزية على الجميع عظيمة، وعليه فنذكر نص الفتوى جملة جملة حسبما ذكر في تلك الجريدة، ثم نعقب كل جملة منها بما يحق لها من البيان، وبالله المستعان.
قالوا في الجواب: أما البناء على القبور فهو ممنوع إجماعا لصحة الأحاديث الواردة في منعه، وبهذا أفتي كثير من العلماء بوجوب هدمه، مستندين على ذلك بحديث علي - رضي الله عنه - أنه قال لابن الهياج: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله - ألا أدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته) (1) رواه مسلم. انتهي.
فتراهم قد تمسكوا تارة الإجماع، وأخرى بالحديث، أو الإجماع المستند إلى الحديث.
أما دعوى الإجماع فهي مدحوضة مرفوضة ولكن لا تتسع أعمدة الصحف والمجلات لنقل كلمات العلماء في جوازه، بل رجحانه، وفساد توهم الإجماع وبطلانه من أول الإسلام وإلى هذه الأيام، وأي حاجة بك إلى أن أسرد لك أو أملي عليك ما يوجب الملل (قال فلان وقال فلان)، وهذا عمل المسلمين وسيرتهم القطعية في جميع الأقطار والأمصار ملء المسامع والأبصار، على اختلاف