والنهي عن المنكر وما علموا أن العلماء بإلقاء دروس العلوم الشرعية في أكثر المساجد وبيان الأحكام لكل طالب بدون أن يمنع عن مواردهم أي وارد قائمون بذلك حق القيام على الطريق الذي يلزم لذلك شرعا خصوصا في مثل هذا العصر ولا يجوز أن يزال المنكر بمنكر آخر فلا يليق بالعلماء أن يستعملوا في إزالة المنكرات طريقا يترتب عليها بالفتن والقلاقل فيقعوا في فتنة عامة ومنكر أشد وهل تزال النجاسة بالنجاسة ومع كل ذلك فالعلماء لسان والأمراء سنان والعلماء أمناء الدين والدين أساس والأمراء قوام عليه والقوام حراس وليس وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصا بالعلماء بل هو فرض كفاية يجب على جميع أفراد الأمة القيام به ولكن متى قام به البعض سقط عن الباقين وإلا وقع الكل في الإثم المبين فافهم حكمة ما أشرنا إليه وما يعقلها إلا العالمون ولو أن هؤلاء الذين يدعون القيام بالأمر في هذا العصر أخلصوا لله الدعوة في السر والعلن واجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن لأصابت سهام أقوالهم كبد الحقيقة وأصابت الواقع واستقاموا على الطريقة وكسيت أقوالهم جلباب القبول وبلغوا المأمول وفوق المأمول ولكن لما بيت طائفة منهم غير الذي تقول ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب من الله والله لا يهدي كيد الخائنين ولو صدق هؤلاء فيما يزعمون لقاموا بالنهي عما أجمعت الأمة على إنكاره كالزنا والربا وشرب الخمر والمجاهرة بها وترك الصلاة والصوم وغير ذلك مما لا يحصى ولا يستقصى وهم يشاهدونه أو يفعلونه آناء الليل وأطراف النهار ولكنهم بالنهي عما اختلفت فيه الأئمة وانتصارهم للمذاهب الباطلة قصدوا تفريق كلمة المسلمين وإيغار صدور المؤمنين لينالوا بذلك التفريق جمع حطام الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع والآخرة خير وأبقى هذه نصيحتنا نقدمها إليكم يا معشر المسلمين لتحذروا الوقوع في شرك الضالين المضلين فاسمعوا وعوا وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا وقوا أنفسكم
(١٨)