ومما يحث المريد على اتخاذ الشيخ الحي مسترشدا منه أو الميت مستمدا منه ما نقله الشيخ عبد الوهاب الشعراوي رحمه الله تعالى في كتابه العهود المحدية:
أن معروف الكرخي كان يقول لأصحابه: إذا كان لكن إلى الله تعالى حاجة فأقسموا عليه بي ولا تقسموا عليه به تعالى. فقيل له في ذلك فقال: هؤلاء لا يعرفون الله تعالى فلم يجبهم، ولو أنهم عرفوه لأجابهم. وكذلك وقع لسيدي محمد الحنفي الشاذلي أنه كان يعدي من مصر إلى الروضة ماشيا على الماء هو وجماعته فكان يقول لهم:
قولوا يا حنفي. وامشوا خلفي وإياكم أن تقولوا يا الله! تغرقوا. فخالف شخص منهم وقال: يا الله فزلقت رجله فنزل إلى لحيته في الماء فالتفت إليه الشيخ وقال:
يا ولدي إنك لا تعرف الله تعالى حتى تمشي باسمه على الماء، فاصبر حتى أعرفك بعظمة الله تعالى. ثم اسقط الوسائط انتهى.
وفي الجملة فاتخاذ الشيخ الحي أن وجد، وإلا فالميت أولى. الكل أموات لما قدمناه من إشارة قوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون) فافهم ترشد إن شاء الله تعالى ولا تعترض تكن من الهالكين. فإن الله تعالى يغار لأوليائه إذا انتهكت حرماتهم أشد غيرة ولا إله غيره إنه لقول فصل وما هو بالهزل إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا.
وأما هذه الطبول والنايات وهذه الأعلام والرايات التي تنقيد بها الفقراء اليوم وهذه الأوقات التي اخترعتها مشايخ هذا الزمان فإن جميعها جهل ولهو وبطالة لا ينبغي للشيخ المرشد أن يعملها ولا أن يقر عليها لما يترتب عليها من مفسدة الغرور بغير الله تعالى والإعراض عن طلب العلم النافع والاجتهاد في سنن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وإن كنا نحن لا ننكرها على الكاملين العارفين إذا صدرت منهم (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب).
وأما الاجتماع وذكر الله تعالى الصحيح الخالي من اللحن مع الأدب والخشوع بعد معرفة الواجب من الاعتقاد الموافق، والواجب من كيفية الأعمال الصالة في العبادات والمعاملات فهو أمر جائز مندوب إليه ولا التفات لمن رده من تعصبه وجهله.
فقد نقل الشيخ المناوي رحمه الله تعالى في الشرح الكبير على الجامع الصغير عن