أو بطء أو انحراف عن سنتها فحين أدركوا شيئا من ذلك أثبتوا له سببا لا يخل بهذا الانتظام كإثبات الخارج المركز أو التدوير للاختلاف بالسرعة والبطء وإثبات التدوير للرجعة والاستقامة والوقوف مثلا إذا كان الكوكب متحركا حركة متشابهة على محيط فلك خارج مركزه عن مركز العالم الذي نحن بقربه تكون حركته بالقياس إلى مركز العالم مختلفة ويكون في القطعة التي هي أبعد منه بطيئة وفي القطعة التي هي أقرب سريعة لأن القسي المتساوية المختلفة بالبعد والقرب يرى البعيد منها أصغر من القريب وتوضيحه أنه إذا خرج خط يمر بالمركزين ويصل إلى الأوج والحضيض ثم قام عليه عمود يمر بمركز العالم ويصل إلى المحيط من الجانبين انقسم الممثل بهذا الخط قسمين متساويين وخارج المركز قسمين مختلفين أعظمهما ما يكون في النصف الأوجي من الممثل وأصغرهما ما يكون في النصف الحضيضي منه والكوكب لا يقطع كل نصف إلا بقطع ما فيه من الخارج فيكون زمان قطع النصف الأوجي أكثر والحضيضي أقل على تفاوت المسافتين أعني القسمين من الخارج المركز فترى الحركة في النصف الأوجي أبطأ وفي الحضيضي أسرع وعند طرفي الخط متوسطة كما إذا تحرك متحرك في ساعة فرسخين وفي أخرى فرسخا ولهذا كانت مدة فصلى الربيع والصيف أكثر من مدة فصلى الخريف والشتاء مع أن كلا من المدتين زمان لقطع النصف من فلك البروج وإذا كان الكوكب من التدوير في النصف الذي يوافق حركته حركة حامله أعني النصف الأعلى في المتحيزة والنصف الأسفل في القمر ترى حركته سريعة لقطعه فلك البروج بالحركتين جميعا وإذا كان في النصف الذي يخالف حركته حركة حامله أعني أسافل المتحيزة وأعلى القمر فإن كانت حركته أقل من حركة حامله يرى بطيئا لأنه إنما يقطع فلك البروج بفضل حركة الحامل على حركة التدوير وإن انتهت حركته إلى حد التساوي لحركة الحامل وذلك إنما يكون في المنحيزة دون القمر لما عرفت من مقدار حركات التداوير والحوامل ترى الكوكب واقفا لأن الحامل يحركه إلى التوالي جزأ ويرده التدوير إلى خلاف التوالي جزأ فيرى من فلك البروج في موضعه كأنه لا يتحرك وإن زادت حركة التدوير على حركة الحامل يرى راجعا لأن الحامل يحركه جزأ والتدوير يرده جزئين مثلا (قال وأمثال هذه البيانات 8) قد يتوهم أن إثبات الأفلاك الجزئية والحركات البسيطة على الوجوه المخصوصة بناء على ما يشاهد ويدرك بالرصد من الاختلافات اللازمة على تقدير ثبوتها إثبات للملزوم بناء على وجود لازمه وليس بمستقيم إلا إذا علم المساواة وليست بمعلومة إذ لا ضرورة ولا برهان على امتناع أن تكون تلك الاختلافات لأسباب أخر والجواب أنها مقدمات حدسية حيث يحكم العقل الجازم بانتظام السمويات بثبوتها عند أدرك الاختلافات من غير ملاحظة وسط وترتيب وهم معترفون بذلك
(٣٤٤)