يسمى منفعة فيصدر العلم بذكر غايته ليعلم أنه هل يوافق غرضه أم لا ولئلا يكون نظره عبثا أو ضلالا ومنفعته ليزداد طالبه جدا ونشاطا وغاية الكلام أن يصير الإيمان والتصديق بالأحكام الشرعية متيقنا محكما لا تزلزله شبه المبطلين ومنفعته في الدنيا انتظام أمر المعاش بالمحافظة على العدل والمعاملة التي يحتاج إليها في بقاء النوع على وجه لا يؤدي إلى الفساد وفي الآخرة النجاة من العذاب المرتب على الكفر وسوء الاعتقاد قال فهو أشرف العلوم أقول لما تبين أن موضوعه أعلى الموضوعات ومعلومه أجل المعلومات وغايته أشرف الغايات مع الإشارة إلى شدة الاحتياج إليه وابتناء سائر العلوم الدينية عليه والإشعار بوثاقة براهينه لكونها يقينيات يتطابق عليها العقل والشرع تبين أنه أشرف العلوم لأن هذه جهات شرف العلم وما نقل عن السلف من الطعن فيه فمحمول على ما إذا قصد التعصب في الدين وإفساد عقايد المبتدين والتوريط في أودية الضلال بتزيين ما للفلسفة من المقال قال والمتقدمون أقول آخر هذه المباحث مع تعلقها بالموضوع محافظة على انتظام الكلام في بيان الموضوع والمسائل والغاية فالمتقدمون من علماء الكلام جعلوا موضوعه الموجود بما هو موجود لرجوع مباحثه إليه على ما قال الإمام حجة الإسلام أن المتكلم ينظر في أعم الأشياء وهو الموجود فيقسمه إلى قديم ومحدث والمحدث إلى جوهر وعرض والعرض إلى ما يشترط فيه الحياة كالعلم والقدرة وإلى ما لا يشترط كاللون والطعم ويقسم الجوهر إلى الحيوان والنبات والجماد ويبين أن اختلافها بالأنواع أو بالأعراض وينظر في القديم فيتبين أنه لا يتكثر ولا يتركب وأنه يتميز عن المحدث بصفات تجب له وأمور تمتنع عليه وأحكام تجوز في حقه من غير وجوب أو امتناع ويبين أن أصل الفعل جائز عليه وأن العالم فعله الجائز فيفتقر بجوازه إلى محدث وأنه قادر على بعث الرسل وعلى تعريف صدقهم بالمعجزات وأن هذا واقع وحينئذ ينتهي تصرف العقل ويأخذ في التلقي من النبي عليه السلام الثابت عند صدقه ومقبول ما يقوله في الله تعالى وفي أمر المبدأ والمعاد ولما كان موضوع العلم الآلهي من الفلسفة هو الموجود بما هو موجود وكان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات قيد الموجود ههنا بحيثية كونه متعلقا للمباحث الجارية على قانون الإسلام فتميز الكلام عن الإلهي بأن البحث فيه إنما يكون على قانون الإسلام أي الطريقة المعهودة المسماة بالدين والملة والقواعد المعلومة قطعا من الكتاب والسنة والإجماع مثل كون الواحد موجدا للكثير وكون الملك نازلا من السماء وكون العالم مسبوقا بالعدم وفانيا بعد الوجود إلى غير ذلك من القواعد التي يقطع بها في الإسلام دون الفلسفة وإلى هذا أشار من قال الأصل في هذا العلم التمسك بالكتاب والسنة أي التعلق بهما وكون مباحثه منتسبة إليهما جارية على قواعدهما على ما هو معنى انتساب العقائد إلى الدين وقيل المراد بقانون الإسلام
(١١)