على أن صانعها صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني، علمت أن له بانيا، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده.
قال: فما هو؟
قال: هو شئ بخلاف الأشياء، أرجع بقولي شئ إلى إثباته، وإنه شئ بحقيقته الشيئية، غير إنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره الزمان.
قال السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا.
قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو كان ذلك كما تقول، لكان التوحيد منا مرتفعا لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم، لكنا نقول: كل موهوم بالحواس مدرك بها تحده الحواس ممثلا، فهو مخلوق، ولا بد من إثبات كون صانع الأشياء خارجا من الجهتين المذمومتين: إحداهما النفي إذا كان النفي هو الإبطال والعدم، والجهة الثانية التشبيه بصفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف، فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين، والاضطرار منهم إليه، إنهم