لأحد من أهل هذه المقالة أن يقول: أحسنت يا محسن، أو: أسأت، لأن الإساءة من فعل الظلمة وذلك فعلها، والإحسان من النور، ولا يقول النور لنفسه أحسنت يا محسن، وليس هناك ثالث، وكانت الظلمة على قياس قولهم، أحكم فعلا، وأتقن تدبيرا، وأعز أركانا من النور، لأن الأبدان محكمة، فمن صور هذا الخلق صورة واحدة على نعوت مختلفة؟
وكل شئ يرى ظاهرا من الزهر والأشجار والثمار والطير والدواب يجب أن يكون إلها، ثم حبست النور في حبسها والدولة لها، وأما ما ادعوا بأن العاقبة سوف تكون للنور، فدعوى، وينبغي على قياس قولهم أن لا يكون للنور فعل، لأنه أسير، وليس له سلطان، فلا فعل له ولا تدبير، وإن كان له مع الظلمة تدبير، فما هو بأسير بل هو مطلق عزيز، فإن لم يكن كذلك وكان أسير الظلمة، فإنه يظهر في هذا العالم إحسان وجامع فساد وشر، فهذا يدل على أن الظلمة تحسن الخير وتفعله، وكما تحسن الشر وتفعله، فإن قالوا محال ذلك، فلا نور يثبت ولا ظلمة، وبطلت دعواهم، ورجع الأمر إلى أن الله واحد وما سواه