مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٣٦٠
جانبا واحدا من مهمة التفسير، وهناك جوانب أخرى لا يستغني الباحث عنها إلا بالتمسك بصحيح الأثر وغيره.
2 - الشيعة والتفسير الموضوعي بأقسامه إن نزول القرآن نجوما، وتوزع الآيات الراجعة إلى أكثر الموضوعات في سور القرآن يقتضي نمطا آخر من التفسير غير تفسير القرآن سورة فسورة وآية ف آية، وهذا النمط عبارة عن تفسيره حسب الموضوع بجمع آيات كل موضوع في محل واحد وتفسير مجموعتها مرة واحدة، مثلا المفسر الذي يحاول التعمق في الحديث عن السماء والأرض، أو عن المعاد، أو قصص الأنبياء، أو في أفعال الإنسان من جهة الجبر والاختيار، لا بد أن يتبع هذا النمط الذي ذكرناه ليتمكن من جمع أطراف الموضوع جمعا كاملا وشاملا.
إن من جملة الأسباب التي دعت إلى ظهور عقائد مختلفة بين المسلمين، وتشبث صاحب كل مذهب بآيات القرآن، هو أنهم اهتموا بقسم خاص من آيات الموضوع دون الأخذ بكل ما يرجع إليه، ولو أنهم اهتموا في كل مسألة من المسائل الاعتقادية بمجموع الآيات لدرؤوا عن أنفسهم الوقوع في المهاوي السحيقة.
ومن باب المثال نذكر أصحاب عقيدة الجبر في أفعال الإنسان، أو مذهب التفويض فيها، فإنهم ابتلوا بما ذكرناه، وخبطوا خبطة عشواء في فهم المقاصد الإلهية وتفسيرها. إن الرجوع إلى الفهارس ومعاجم الكتب خصوصا فيما ألف في أحوال رجال كانوا يعيشون في القرون الأولى الإسلامية إلى رابعة القرون وخامستها يكشف عن أن هناك لفيفا من علماء الشيعة وفطاحلهم اهتموا بهذا النمط من
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»