مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٤٩
المغلظة عقوبتها، وقد ذكرنا شطرا منها في ما سلف، ونذكر هنا شطرا آخر منها:
قوله تعالى: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * (1).
والآية تبين أن الواجب على المسلمين الإثخان في قتل المشركين، وعدم أخذ الأسرى والحرب قائمة قبل أن ينهد صف المشركين ويستولي عليهم الرعب.
وقد وصفت الآية أن العقوبة لولا عفو الله تعالى لكانت عذاب، ووصفته بالعظيم، وظاهر الآية وبمقتضى الإثخان هو: كون الواجب القتل لا الأسر أثناء قيام الحرب مع المشركين وقبل انتهائها بتقويض معسكرهم، لا ما يقال: إن الآية ناظرة إلى حكم الأسرى بعد انتهاء الواقعة، وإن الواجب هو قتلهم لا مفاداتهم، لأنه يخالف الآيات اللاحقة: * (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم * وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم) * (2)، الدالة على أن القتل المطلوب هو أثناء الحرب لا بعد أن تضع الحرب أوزارها.
وكل هذا في غزوة " بدر "، وكذلك الحال في غزوة " حنين "، قال تعالى: * (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم

(١) سورة الأنفال ٨: ٦٧ و ٦٨.
(٢) سورة الأنفال ٨: 70 و 71.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست