مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٢٩
وكتفا ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا.
فنحن نعتقد بأن معرفة الحق قد خزنت في قلوب بني آدم منذ أن أشهدهم الله على أنفسهم حين رأوا من حقائق الأمور ما جعلهم يقرون مستسلمين بالبداهة التي تتداعى في الذهن من جملة: * (قالوا بلى شهدنا) *، إلا أن عدم وجود المؤهل الذاتي، أو وجود تراكمات الذنوب والأوهام والخطرات وتلويث النطف، وغيرها، تحول دون أن يرى الإنسان مكامن النور في قلبه، وذلك لكونها محجوبة بحجب الأدران والزيغ، فيبدأ مسيرته باتجاه نسيان ما رآه وعرفه.. * (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) *.
ومتى ما أقبلت النفس على الأعمال التي من شأنها أن تعمل على تصفيتها وتهذيبها وتزكيتها مما علق بها من هذه الحجب تفتحت مكامن المعرفة، وتختلف هذه باختلاف سعي النفوس وراءها، حتى يبلغ بها المقام عند مرتبة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بقوله: " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " (1).
فجاءت هذه الرسالة صغيرة الحجم، قوية السبك، عالية المضامين، جلية الحجة والبرهان.
* * *

(1) انظر: غرر الحكم ودرر الكلم 2 / 142 رقم 1.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 223 225 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست